صبب إذ لاح برق من ديارهم |
|
كأنما خليه من قلبه حلبا |
بجانب النوم إن مرت بجانبه |
|
ريح الجنوب ويصبو إن تهب صبا |
ويستطير اشتياقا كلما لمع |
|
البرق اليماني من تلقائهم وخبا |
فهل يعين لذي عين ... (١) |
|
عين من الدمع منها الماء ما نضبا |
بادي الصبابة لا يصبو إلى عذل |
|
خلق الكآبة لا ينفك مكتئبا |
أغراه بالوجد من أغراه بعدهم |
|
من التصبر عنهم فاستحال هبا |
يريك ظاهره بالعين باطنه |
|
فغير خاف سوى ما في الضمير خبا |
قد كان يأمل أن يفضي الزمان له |
|
إليهم رجعة يقضي بها أربا |
فعاقه قدر عما يحاوله |
|
فإن قضى بهم وجدا فلا عجبا |
لو خير الخلد من أوطانه بدلا |
|
لم يرضها بدلا منها فدع حلبا |
ولو تزف إليه الأرض قاطبة |
|
لم يرض أرضا سواها مسرحا وربا |
وكيف أرضى بأرض ما وجدت بها |
|
صديق صدق حوى فضلا ولا أدبا |
إلا أناسا بسمت العيش بعدهم |
|
إذا عدى الناس رأسا خلتهم ذنبا |
لا يأمرون بمعروف كذاك ولا |
|
ينهون عن منكر خوفا ولا رغبا |
إذا بلوتهم ألفيتهم خفرا |
|
وإن بلوتهم ألفيتهم أدبا |
وإن نثرت عليهم كلما انتظموا |
|
درّ القريض جزوني عنه مختلبا |
وكلما حضروا أحضرت من أدبي |
|
مأدبا حار في آدابها الأدبا |
طلس الدباب (٢) أضل الله سعيهم |
|
تطيلسوا اللوم لما استعذبوا العذبا |
وشرفا نالني فيها وأعجبه |
|
إني اتخذت الأعادي صلة قربا |
أقمت حولين في أكناف أكنفها |
|
حلف السقام أقاسي الهم والوصبا |
لم أحظ منهم بحظ مذ حللت بها |
|
أغنى من الود لا مالا ولا نشبا |
فقرب الله في الترحال عن بلد |
|
فيه الأجانب لي خير من القربا |
وباعد الله داري من ديارهم |
|
ولا لقى لي إن سميتهم نسبا |
ومزقت يد دهر الشر (٣) شملهم |
|
في كل شعب كشمل فرقت شعبا |
__________________
(١) رسمها بالأصل : «مسمهدة».
(٢) كذا.
(٣) غير واضحة بالأصل.