فأعاد إليه عبد الملك الكتاب ، فكتب إليه عبد العزيز :
إن رأيت ألّا تعجل عليّ بالقطيعة ، ولا يأتي عليّ الموت إلّا وأنت لي واصل ، فافعل ، وذكر قرب الأجل ، قال : فرقّ عبد الملك رقة شديدة لكتابه ، ثم قال : لا يكون إلى الصلة أسرع مني ، وكف عن ذكر ذلك ، وما لبث عبد العزيز إلّا ستة أشهر حتى مات.
فلما كان زمان ابن الأشعث خرج عمران بن عصام مع ابن الأشعث على الحجاج ، فأتي به الحجاج حين قتل ابن الأشعث فقتله ، فبلغ ذلك عبد الملك ، فقال : قطع الله يد الحجاج أقتله وهو الذي يقول (١) :
وبعثت من ولد الأغر ومعتّب |
|
صقرا يلوذ حمامه بالعوسج (٢) |
وإذا طبخت بناره أنضجتها (٣) |
|
وإذا طبخت بغيره لم تنضج |
قال أحمد بن سعيد ـ وهو الدمشقي ـ معتّبا : هو جد الحجاج ، وقال أحمد : والرس والرسيس (٤) المضمر في القلب ، والرسيس : أيضا الداخل من الحبّ. والخمرة : بكسر الخاء ليس الخمار ، والخمرة بضم الخاء كالمسجد.
وقال أبو بكر : ومعنى قوله : إنّ العوان لا تعلّم الخمرة : أن المرأة الثيّب لا تعلّم لبس الخمارة لأنها قد عرفت من ذلك ، ما لم تعرفه العاتق.
أخبرنا أبو البركات الأنماطي ، وأبو العزّ الكيلي ، قالا : أنا أبو طاهر أحمد بن الحسن ـ زاد الأنماطي : وأبو الفضل بن خيرون قالا : ـ أنا أبو الحسين محمّد بن الحسن ، أنا محمّد بن أحمد بن إسحاق ، نا عمر بن أحمد بن إسحاق ، نا خليفة بن خيّاط (٥) قال : في تسمية التابعين من أهل البصرة قال : ومن قبائل ربيعة بن نزار عمران بن عصام من ولد صعب بن وهب بن جلّ (٦) بن أحمس بن ضبيعة بن
__________________
(١) البيتان في الأغاني ١٧ / ٢٧٥ والعقد الفريد ٥ / ٥٤ مع بيت ثالث وروايته :
وهو الهزبر إذا أراد فريسة |
|
لم ينجها منه صريخ الهجهج |
(٢) العوسج : شجر ، له شوك.
(٣) بالأصل : «بنار أنضجت» والمثبت عن الأغاني والعقد الفريد.
(٤) كذا بالأصل هنا : «الرس والرسيس» ومر : رش ... رشا.
(٥) طبقات خليفة بن خيّاط ص ٣٥٠ رقم ١٦٥١.
(٦) الأصل : «حد» والمثبت عن طبقات خليفة.