والسبب في ذلك أنّ عساكر الإسلام لمّا فتحوا العراق ودخلوا المداين شرقا ، والموصل غربا ، تفرّقوا نصارى أيدي سبا إلى ايطاليا ودفنوا أضامهم وهياكلهم وذخائرهم ظنّا منهم أنّهم سيغلبون على المسلمين ويرجعون إلى أوطانهم مطمئنّين. وقد ذكرنا لك آنفا في قصر الجعفري أنّ هرتسفيلد الألماني قد حمل معه ما يربو على مائتي صندوق من الآثار الجليلة منها فصوص ذوات ألوان قد نطقت باللجين المكلّل بينما ترى تموجاتها حمراء ورديّة تراها خضراء زبرجديّة وأحيانا صفراء عسجديّة.
وحدّثني بعض الخبراء بسامرّاء قال : كنت أحفر الأرض لإخراج الآجر فإذا بسرداب كأنّ اليد رفعت عنه الساعة فنظرت فإذا بكوز مختوم عليه فكسرت ختمه فإذا برمل شبه الرماد فتحيّرت ، وكان في سامرّاء سوق اليهود صيّاغ يهودي ، فأريته كفّا منه فقال لي : فأتني به فآخذه ، وأعطاني عشرين روبية انگليزيّة فكدت أن أطير فرحا وسرورا ، ثمّ تبيّن لي بعد ذلك أنّه كان تبرا وكانت قيمته تربو على ألف ألف روبية.
وحدّثني بعض من أثق به من أهل العلم قال : خرجنا يوما مع جماعة من أهالي سامرّاء إلى دور الخلفاء للنزهة واستنشاق الهواء ، فلمّا وصلنا إليها فرشنا وجلسنا وعملنا قليانا نشربه هناك ، ففي خلال ذلك هبّت ريح فقذفت نار رأس القليان ، فقمت أدوّر هناك فوجدت حجرا أملس يبلغ ثلاثين مثقالا تقريبا ، وكان شبه اللوزة ، فوضعته على رأس القليان ، فلمّا فرغنا عن شربه رميت الحجر مع رماده فرأيت لمعانا وبريقا من الحجر ، فمالت نفسي إليه فأخذته فمسحته فإذا بشعاعه وبريقه قد ازداد ، فكتمت ذلك عمّن كان معي حتّى سافرت إلى بغداد وكان لي هناك صديق من الصيّاغين ، فأريته ذلك فقال لي : إنّ ذلك من الجوهر ولكن لا أعرف أنّه من أيّ نوع منه وما قيمته ، فإذا بيهوديّ مرّ عليه فناداه الصيّاغ وأراه