وجاء تبّع وهو سعد بن أبي كرب إنّه نزل بالعراق ومرّ بالحيرة وخلّف قوما من الأزد وجذام وقضاعة وطيّ وكلب وسكون وأياد وكان منهم فرق مبثوثة في الشمال في أطراف الحضرموت ومافوقه وفي الوسط والجنوب في الحيرة والأنبار والأبلة وغيرها من مذحج وحمير وبكر وتغلب وربيعة أنمار وتميم وبنو العبيد وبنو أسد وبنو بهراء وبنو صالح وبنو يزيد إلى أن خاف ملوك الفرس حتّى أنّ أردشير مؤسّس الدولة الساسانيّة ضيّق الخناق عليهم فكرهت قضاعة الإقامة في العراق فهاجر قوم إلى الشام. وإنّ سابور ذا الأكتاف قتل مائة ألف رجل من قضاعة وأفنى قبائل كثيرة كالعبيد ، وأصيب قبائل حلوان ، وانقرضوا فقتل منهم من انتجع بلاد فارس أبرح القتل ، وغزاهم في بلادهم وأسر منهم أعنف الأسر ، ونزع أكتاف رؤوسهم ، ونقل جملة منهم إلى الأنبار إلى «بقّة» و «العقير» وحفر خندقا في برية الكوفة بينه وبين العرب ، وبنى مدينة هفّة (١) وأسكنها أيادا لمّا قتل منهم من قتل في مدينة شالها (٢) وخشي أمرهم كسرى أنوشيروان وحفر خندقا من هيت يشقّ طرف البادية إلى كاظمة.
ويقول عمر بن آلة في انقراض قبائل العبيد :
ألم يحزنك والأنباء تنسى |
|
بما لاقت سراة بني العبيد |
ومصرع ضيّزان وبني أبيه |
|
وأحلاس الكتائب من تزيد |
فهدم من أواسي الحصن صخرا |
|
فكان ثفاله برّ الحديد |
وقال المسعودي في مروج الذهب : كان شدّاد بن عامر من العرب العاربة وإنّ ملكه احتوى على سائر ممالك العرب ، وله كان مسير في الأرض ومطاف في البلاد وبأس عظيم في ممالك الدنيا وغيرها من ممالك الشرق.
__________________
(١) هفّة مدينة قديمة كانت في طرف السواد بناها سابور ذو أكتاف وأثرها باق.
(٢) شالها مدينة قديمة كانت بأرض خرّبها أياد. (المراصد)