وهو الآن واقع في غربي صحن العسكريّين عليهماالسلام من جهة الشمال ، وقد طرأت عليه إصلاحات ، ومرّ عليه بعض العمارات والتغييرات في بعض جوانبه ، وكان هذا السرداب داخل البيت وطريقا في البناء القديم من وراء مرقد العسكريّين صلىاللهعليهوآله عند قبر أمّ القائم الذي صار اليوم داخل الرواق ، وكان الزائر بعد زيارة العسكريّين ينزل في الدرج ويمشي في أزجّ جتّى يدخل السرداب من جهة قبلته ، وكان الأمر كذلك إلى حدود عام اثنين ومأتين بعد الألف ، فلمّا تصدّى لعمارة هذه البقعة المباركة الملك المؤيّد أحمد خان الدنبلي جعل للسرداب بابا من جهة الشمال وسدّ باب القبلة ، وكان الباب من أثمن الأخشاب إلى عصرنا هذا ، فأنفق سهم الملك القاجاري مبلغا جزيلا لجعله بابا فضّيّا فقلعوا الباب الخشبي ونصبوا مكانه بابا فضّيّا ونصبوا الخشبي على باب المسجد الذي كان على عرش السرداب وهو اليوم له عشرة درجات مفروشة بالرخام الصقيل ، فينزل الزائر منها إلى رحبة لا يقلّ طولها عن ثلاثة عشر ذراعا ، والباب المشبّك الخشبي المنصوب على الصفّة في السرداب المقدّس في يومنا هذا من الآثار الباقية للإمام المستنصر العبّاسي ، وقد عمله في سنة ستّ وستّمائة.
وذكر العلّامة النوري في كشف الأستار (١) : إنّ الناصر لدين الله أحمد بن المستضيء بنور الله من خلفاء العبّاسيّة ، هو الذي أمر بعمارة السرداب الشريف وجعل على الصفّة التي فيه شبّاكا من خشب ساج منقوش عليه : بسم الله الرحمن الرحيم ، (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً إِنَّ اللهَ غَفُورٌ شَكُورٌ.) هذا ما أمر بعمله سيّدنا ومولانا الإمام المفترض الطاعة على جميع الأنام أبو العبّاس أحمد الناصر لدين الله أمير المؤمنين وخليفة ربّ العالمين
__________________
(١) كشف الأستار : ٤٣ طبع سنة ١٣١٨.