المسلمين في القدس أسبوعا ، وقتل من المسلمين في المسجد الأقصى ما يزيد على سبعين ألف نفس ، منهم جماعة كثيرة من أئمّة المسلمين وعلمائهم وزهّادهم ممّن جاور في ذلك الموضع الشريف وغنموا ما لا يقع عليه الإحصاء ، ووصل المستنفرون إلى بغداد في رمضان فاجتمع أهل بغداد في الجوامع واستغاثوا وبكوا حتّى أنّهم أفطروا من عظم ما جرى عليهم ، ووقع الخلاف بين السلاطين السلجوقيّة ، فتمكّن الفرنج من البلاد ، وقال في ذلك المظفّري الأبيوردي أبياتا منها :
مزجنا دماء بالدموع السواجم |
|
فلم يبق منها عرضة للمراجم |
وشرّ سلاح المرء دمع يفيضه |
|
إذ الحرب شبّت نارها بالصوارم |
وكيف تنام العين ملء جفونها |
|
على هفوات ايقظت كلّ نائم |
وإخوانكم بالشام يضحى مقيلهم |
|
ظهور المذاكي أم بطون القثاعم |
يسومهم الروم الهوان وأنتم |
|
تجرّون ذيل الخفض فعل المسالم |
وكم من دماء قد أبيحت ومن إياما |
|
توارى حياء حسنها بالمعاصم |
أترضى صناديد الأعاريب بالأذى |
|
وتغضي على ذلّ الكماة الأعاجم |
فليتهم إذ لم يدوروا حميّة |
|
عن الدين ضنّوا غيرة بالمحارم |
وقال اليافعي في مرآة الجنان : وفي سنة أربع وخمسين وستّمائة أوّل ليلة من رمضان ليلة الجمعة احترق المسجد الشريف النبوي بعد صلاة التراويح على يد فرّاش في الحرم الشريف عرف بأبي بكر المراغي ، واحترق هو أيضا لسقوط ذبالة يده في المساف من غير اختيار منه واحترق جميع سقف المسجد الشريف حتّى لم يبق إلّا السواري قائمة وحيطان المسجد الشريف والحائط الذي بناه عمر بن عبد العزيز حول حائط الحجرة الشريفة المجعول على خمسة أركان لئلّا يصل الضريح الطاهر الشريف ، ووقع ما ذكرنا من الحريق بعد أن عجز عن إطفائه كلّ فريق.