الفصل الثانى
(فى عجائبها)
ومن عجائبها صنم الهرمين ويقال انه طلسم الرمل ألا يغلب على الجيزة. ومن ذلك بربا سمنود حكى الكندى عنها حكاية وأشياء قد اختصرتها فان أكثر هذه العجائب قد دثرت وليس لها أثر. ومن ذلك بربا اخميم وهى عجب من العجائب لما فيها من الصور وغيرها وكان ذو النون يقرأ ما عليها من الخط اليونانى وما فيه من الحكمة البالغة. ومن ذلك بربا دير بروه وهو شئ عجيب حكى أن فيها ثمانين كوة تدخل الشمس كل يوم من كوّة لا تدخل منها الى ثمانين يوما. ومن ذلك حائط العجوز محيطة بأرض مصر من اسوان الى العريش شرقا وغربا. ومن ذلك الاسكندرية التى فيها المنار والسوارى والملعب الذى كانوا يجتمعون فيه فى يوم الاكرة. ومن ذلك المسلتان وعمود الاعيان وبها عمودان ملتقيان وراء كل عمود جبل من الحصا كحصا الجمرات. ومن عجائبها القبة الخضراء وهى أعجب ما فيها. ومن ذلك منية عقبة وقصر فارس وهى مدينة على مدينة ويقال انها إرم ذات العماد
وأمّا ما بصعيد مصر من جبال وعجائب وأخشاب فلا يحتمل الوصف. ومن عجائبها منف وما بها من آثار الانبياء والحكماء والملوك وبها البربا التى كانت بها التصاوير وهى التى وضعتها دلوكا حين فتحت مصر كانت أحضرت امرأة ساحرة يقال لها بدورة وأمرتها أن تجعل لها سحرا تعرف به من يأتى اليها من الاعداء أو يعترضها فبنت لها بيتا من حجارة فى وسط منف وجعلت له أربعة أبواب كل باب الى جهة وصوّرت فيه صور الابل والخيل والحمير والسفن والآدميين وقالت كل من يأتيك فى البر أو البحر راكبا أو ماشبيا من أى جهة كانت من هذه الأربع جهات فان أشخاص تلك الجهة تتحرك فافعلوا ما شئتم فمهما فعلتم بهم فانه يصيب العدوّ مثل ما فعلتم بهم وبلغ الملوك شأنها فكان كل من يأتى اليها تتحرك تلك الاشخاص فمهما فعلوا بالاشخاص أصاب الاعداء وكان كلما انهدم منها شئ لا يقدر على اصلاحه إلا العجوز أو ولدها أو ولد ولدها حتى انقضوا. ومن عجائبها عين شمس وهى هيكل الشمس وبها العمودان اللذان لم ير أعجب منهما وطولهما فى السماء فوق الخمسين ذراعا وهما محمولان على وجه الأرض وفيها عجائب كثيرة. ومن عجائبها الفرما وهى أكثر عجائبها وأكثر آثارا يذكر أهل مصر انه كان بها طريق الى جزيرة قبرص فغلب عليها البحر وكان بها مقطع الرخام الأبلق والأبيض فغلب عليها البحر ونخلها الذى لا يوجد