هذا المسجد قبرا به الشيخ الصالح أبو عبد الله محمد بن ابراهيم المعروف بصاحب الوديعة ذكره الموفق فى تاريخه وحكى عنه أن رجلا أودع عنده مالا فارسل وراءه صاحب البلد وقال له إن فلانا أودع عندك مالا قال نعم فقال له فلم لا تأتينى به قال لو أراد صاحب الوديعة أن يودع عندك شيئا لفعل وما أودعه عندى قال صدقت امض الى حال سبيلك ومن بعد صاحب الوديعة والعصافيرى قبور مشايخ القصارين وقبور جماعة من ريسة البحر المالح وقبر الشيخ الصالح أبى الحسن عرف بالجلاد قيل انه اشترى لابنه سوطا فأعطاه لامه وقال لها يا أماه اذا نمت فاضر بينى فانه لو علم النائم ما يفوته فى الليل من حلاوة العتاب وطيب المناجاة لبكى الدم اذا أصبح وحكى الربيع بن سليمان عن الشافعى انه كان يعيط عيطة عظيمة وقت السحر فسألته عن ذلك فقال يا قوم لو علمتم ما اسمع لتقطعت قلوبكم على ما فاتكم وفى رواية أخرى انكم لو سمعتم هل من سائل لتقطعت قلوبكم على ما فاتكم ويلى هذا القبر من الجهة الغربية تربة الانبارى فعلى باب هذه التربة لوح مكتوب عليه فى مجدولة رخام بالقلم الكوفى أبو العباس بن معاوية القرشى قال ابن الجباس فى تاريخه هو معاوية بن صالح فقيه مصر وعالمها وأكثر أهلها ورعا وزهدا وعلما وكان يحيى الليل فاذا أصبح جلس بين أصحابه فى الحلقة ويقول قاتلوا النعاس فلقد غلبنا النعاس البارحة قال القاسم بن يحيى كان معاوية بن صالح بمصر وقال القرشى وقبره الى جانب قبر الانبارى كان إماما ورعا زاهدا وهو معدود فى طبقة عبد الرحمن بن القاسم
ذكر تربة الانبارى ومن بها من العلماء والصالحين بهذه التربة قبر الشيخ الامام العالم الزاهد أبى بكر الانبارى صاحب كتاب الوقف والابتداء فى القراءة يعد من العلماء وفى طبقة القراء وفى طبقة المحدثين قال الفقيه ابن النحوى فى كتاب الرد على أولى الرفض والمكر فيمن كنى بأبى بكر حفظ الانبارى أربعة وعشرين صندوقا من العلم وما حفظ أحد قبله كحفظه وقال له الخليفة أتحسن تعبير الرؤيا قال نعم فذهب من ليلته وحفظه يعنى كتاب القيروانى فى التعبير وما جاء الغد الا وقد أتقن علم التعبير وكانت الفتوى تحمل اليه من المغرب ومن العراق ومن غريب حكاياته انه جلس على باب مسجده فجاءه رجل خائف من أهل الشرطة فقال له يا سيدى اخبأنى فقال له ادخل المسجد فدخل فجاء القوم فقالوا أين ذهب الرجل الذى مر عليك قال دخل المسجد فلما سمع الرجل ذلك خاف على نفسه فنظر الى الحائط وقد انشق نصفين وخرج منه ودخلوا فلم يجدوا أحدا فجاءه الرجل