بسبع وعشرين درجة وقال الامام أبو جعفر الطحاوى سمعت أبا العلا الكوفى يقول حضرت يوما عند بكار بن قتيبة فدخل اليه رجلان يختصمان أحدهما أبو الآخر فنظر اليهما وأنشد
تعاطيتما ثوب العقوق كلا كما |
|
أب غير بر وابنه غير واصل |
وكان يحكم بمذهب أبى حنيفة رضى الله عنه وهو معدود من جملة التالين لكتاب الله وكان اذا فرغ من الحكم خلا بنفسه وعرض عليها جميع ما حكم به ويبكى ويقول يا بكار قدم اليك رجلان فى كذا وكذا وحكمت بكذا وكذا فما جوابك غدا اذا وقفت بين يدى الله تعالى وكان أحمد بن طولون يبعث اليه فى كل سنة ألف دينار فلما جرى بينهما ما جرى قال أحمد بن طولون وأين جوائزى التى كنت أرسلها اليك قال فى المكان الذى كان يضعها رسولك فيه فابعثه يأخذها من مكانها ثم قرأ القاضى (إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَأَيْمانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً) الآية قال فجاء الرسول فوجدها ستة عشر كيسا ما نقص منها شئ وهذه جوائز القاضى بكار الذى كان يأخذها من ابن طولون قال ابن زولاق حدثنى بعض شيوخ مصر قال مررت على منزل القاضى بكار فى الليل فوجدته يصلى ثم فرغ من صلاته فبكى وقرأ (كَلَّا إِنَّها لَظى نَزَّاعَةً لِلشَّوى) وحكى ابن أخيه قال قدم على عمى رجل من أهل البصرة فأكرمه وأثنى عليه وقال هذا كان معى فى المكتب ومضى الرجل الى حال سبيله وجاء بعد أيام فى شهادة عند القاضى بكار ومعه شاهد آخر من أهل مصر فقبل شهادة الرجل الذى كان معه ولم يقبل شهادة الآخر فقلت له يا عم هذا الرجل أثنيت عليه خيرا فلم لم تقبله فقال يا ابن أخى ما رددت شهادته إلا لأمر فقال وما هو قال كنا على مائدة ونحن صغار وفيها أرز وفيه عسل فاخذت بأصبعى من وسط الارز فجرى العسل حتى دخل وسط الارز فقال أخرقتها لتغرق أهلها فقلت اتهزأ بكتاب الله فأمسكت عن كلامه مدّة فما قدرت على قبول شهادته وأنا أذكر ذلك منه وكان القاضى بكار محمودا فى ولايته عفيفا عن أموال الناس مات فى سجن أحمد بن طولون. وذلك أنه لما خرج الموفق بعث الى الاقاليم يطلب المال بأمر من الخليفة فحمل اليه المال من كل اقليم وبلدة إلا أحمد بن طولون فانه لم يرسل اليه شيأ فكاتبه الموفق فلم يجبه بشئ وعصى أمر الموفق وكان ابن طولون بمصر فجمع العساكر وركب فى مائة ألف وعشرين ألفا وخرج الى دمشق وملك أكثر الشام وأحضر قضاة الامصار وامرهم أن يخلعوا الموفق وأن يسجلوا على أنفسهم أن الموفق خارجى فأجابوه كلهم الا بكار فانه قال لا يثبت عندى ذلك فأعاده الى