مصر ولما رجع ابن طولون واستقر فى قصره بعث الى بكار فجاء اليه وكان عند بكار يتيم يكفله فلما أحضره أوقفه فى مجلس الشرطة وأقام اليتيم معه فقال له اليتيم أنت أكلت مالى وأسمعه كلاما قبيحا فقال بكار اللهم ان كان كاذبا فاسلبه عقله فرئى من ليلته يرجم الناس بالحجارة فى الطرقات ثم سجن القاضى بكار فوقف أهل الحديث الى ابن طولون وقالوا على من نقرأ وقد سجنت بكارا فقال اذهبوا الى السجن واقرؤا عليه فكان الناس يأتون السجن ويقرؤن على بكار الحديث وكان يغتسل فى وقت الجمعة ويتوضأ ويأتى الى باب السجن فيقول له السجان ما أمرت بخروجك فيقول بكار اللهم فاشهد ثم يعود الى مكانه ولم يزل القاضى بكار فى السجن حتى احتضر ابن طولون فقال لابنه خمارويه اذهب الى القاضى بكار فقل له أبى يسلم عليك ويسألك أن تدعو له فخرج من عنده حتى أتى القاضى بكارا فوجده يصلى فلما سلم من صلاته قال له ان أبى يسلم عليك وانه بسألك الدعاء فقال له قل له انه عليل أشرف على قبره وأنا شيخ فان أشرفت على حفرتى والمجتمع بينى وبينه بين يدى الله تعالى فعاد خمارويه فوجده قد اشتدّ به النزع ومات ومات بكار بعده بمدّة يسيرة وحكى أمام مسجد الزبير وابن ميسر وابن أخى عطايا وابن عثمان وابن الجباس ومجد الدين الناسخ ان ابن طولون رئى فى المنام بعد موته فقيل له ما فعل الله بك قال شفع فىّ القاضى بكار وكانت وفاة القاضى بكار فى سنة سبعين ومائتين وقيل ان أمّه دفنت الى جانبه قال المؤلف عفا الله عنه ومعه فى حومته قبر جدّه بشر بن أبى بكرة بن الحارث بن مخلدة مولى رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال الكندى مات بشر بن أبى بكرة بمصر وقبره عند قبر ولده بكار قال أبو جعفر الطحاوى سمعت أبا العلى الكوفى يقول كان القاضى بكار يقول لى انطلق معى حتى أزور قبر جدّى فيأتى الى مكان قبره فيزوره ويقول هذا من التابعين قال الشيخ شرف الدين بن الجباس أخذ القاضى بكار القضا عن دحيم (١) بن اليتيم وأسد بن عبد الرحمن بن ابراهيم الدمشقى (٢) (وجاء بتوقيع القضا من بغداد فلما وصل الى الرملة مات وولى بعد القاضى بكار القاضى أبو زرعة محمد بن عثمان الدمشقى ولاه هارون الرشيد قضا مصر وفلسطين ودمشق وكانت ولايته سنة أربع وثمانين ومائتين) حكى أبو مالك قال أتيت دار أبى زرعة فسألت عنه فأبطأ علىّ خروجه فدخلت عليه فقلت لم لا تسرع للناس فقال يا أخى عفا الله عنك حدث لى أمر منعنى من الخروج اليك قلت بالله ما هو فقال سألنى رجل ثوبا ولم يكن لى غير ثوب واحد فاستحييت أن أرد مسألته فنزعت ثوبى له وجعلت
__________________
(١) نسخة رحيم
(٢) كذا بالاصل