علىّ رداء أهلى فاستحييت أن أخرج للناس على تلك الحال فجاء ولدى فأخذت ثوبه وأعطيته ثمنه قال أبو مالك فجئت الى هارون الرشيد (١) وقلت ما أغفلك عن أبى زرعة قال ما غفلت عنه جعلته قاضيا على مصر وفلسطين ودمشق وها أنا أتفقده بالجوائز فيردها قال أبو مالك فقصصت عليه القصة فأعطانى مائتى دينار فأخذتها وجئت بها الى أبى زرعة فلما دخلت عليه قال ما أسرع دخولك علىّ فأخبرته فقال لقد كنت أحسبك صديقا كيف تفشى أمرا كان بينك وبين أخيك والله لا كلمتك سنة قال أبو مالك فأخذت المال ورجعت الى هارون الرشيد وقصصت عليه القصة قال المؤلف وله حكايات مشهورة ولم يزل قاضيا الى شهر صفر فدخل محمد بن سليمان الى مصر من قبل الخليفة فى جموع كثيرة فصرف أبا زرعة قال الضراب ثم خرج أبو زرعة الى العراق ثم عاد الى مصر قاضيا عليها وتوفى بها وقبره بجبانتها وليس يعرف له بها قبر قال المؤلف وقد دثر قبر بشر بن أبى بكرة وبالحومة المذكورة جماعة من التابعين وهى الطبقة الثانية. منهم القاضى الخيرى بن نعيم بن كرب بن مرة الحضرمى يكنى أبا اسماعيل ويعدّ أيضا من القضاة وهى الطبقة الرابعة ومعدود من المحدّثين وهى الطبقة الخامسة وولى لبنى أمية وأثنى عليه مرثد بن أبى حبيب وهو من طبقته وله حكايات مشهورة قال سهل بن على كنت كثيرا ما أجالس الخير بن نعيم فكنت أراه يتجر فى الزيت فقلت يا سيدى أتكون فى أحكامك وتؤتى بالزيت بين يديك ويوزن ويباع قال يا بنىّ اذا أنت جعت ببطن غيرك عرفت قدر ما أنا فيه قال فقلت فى نفسى أيجوع انسان ببطن غيره فلما تزوّجت جمعت عندى سبعة من العيال فكنت أجوع ببطونهم فكنت أتذكر ما قاله القاضى رضى الله عنه وقيل انه كان يحكم فى مسجده الى بعد صلاة العصر ويخرج على باب المسجد فيحكم بين النصارى واليهود قال يزيد بن أبى حبيب ما أدركت من قضاة مصر أفقه من الخير بن نعيم كان يتكلم فى القضا والقصص وكان يقول الندم كل الندم لمن جار فى حكمه وكان يقول أيضا ليتنى كنت نسيا منسيا ولم أحكم بين اثنين وكان سبب عزله أن رجلا من الجند قذف رجلا فطلبه للقاضى وأقام عليه شاهدا فسجنه القاضى حتى يأتى خصمه بشاهد آخر فأرسل أبو عون وكان أميرا على مصر الى السجن فكسره وأخرج الجندى فعزل القاضى نفسه فأتى اليه الأمير وقال له لم لا تحكم بين الناس قال حتى تعيد الجندى الى السجن قال ناشر علينا بمن نولى قال عون بن سليمان قال ابن النحوى حضرت بين يدى القاضى
__________________
(١) هذا غير صواب