بعد مضيهم فقال له الشيخ ما كان الله ليضيع من استجار بأبى بكر الانبارى وقيل انه وجد عنده ما يزيد عن حمل براية أقلام ووجدوا عنده حمل ليف أبيض قال عبد الله بن بشير قلت للانبارى كم حفظت قال ألف سطر فى ليلة واحدة وقال أبو هانى قلت للانبارى كيف حفظت القرآن قال وأنا ابن سبع سنين وقرأت الفقه فى سنة والنحو فى شهر وعلم الفلك فى سبعة أيام وقيل له نراك كثير الحفظ فقال ما أكلت مالحا قط وقال أبو حافظ قلت للانبارى ما الذى يذهب حلاوة العلم قال أكل أموال الملوك قلت ما أشد المحبة قال أن تلقى الله وليس فى صحيفتك غيبة مسلم مدّة عمرك قلت من الناس قال الذين تورعوا عن الحلال قلت من الملوك قال الزهاد اذا قنعوا قلت من الغرقى قال الذين شغلتهم معايشهم عن الصلاة قلت من السفلة قال الذين يكتبون الحديث ليأكلوا أموال الناس به وكان يقول من دعاء النبى صلىاللهعليهوسلم اللهم إنى أعوذ بك من الغم والهم والكسل وقال رضى الله عنه للسلطان حين قال له كيف أنت وكيف حالك قال أقول كما قال بعضهم لمعاوية كيف تسأل عمن سقطت ثمرته وذبلت بشرته وابيض شعره وانحنى ظهره وكثر منه ما كان يحب أن يقل ونقص منه ما كان يريد أن يزيد فترك المعظم وهجر النساء وكان له الشفاء فقصر خطره وذهب لهوه وكثر سهره وقرب بعضه من بعض فقال له أخبرنى عن أطول العرب عمرا فقال أبو عبد الله أنس بن مدركة الخثعمى عاش مائة سنة وأربعا وخمسين سنة وكان اذا رمى بالنشاب ورمى أبو عبيد سبقه بالرمى وهو قائل هذه الابيات
اذا ما امرؤ عاش الهنيدة سالما |
|
وخمسين عاما بعد ذاك وأربعا |
تبدل مر العيش من بعد حلوه |
|
وأوشك أن يبلى وأن يتشعشعا |
وأبو عبيد نصر الاشجعى عاش مائة وسبعين سنة واعتدل بعد ذلك وصار شابا واسودّ شعره وكان أعجوبة عظيمة فى سائر العرب وفيه يقول الشاعر
لنصر بن دهمان الهنيدة عاشها |
|
وسبعين عاما ثم قوّم ذاتا |
وعاد سواد الرأس بعد بياضه |
|
ولكنه من بعد ذلك ماتا |
وكان أبو بكر الانبارى زاهدا ورعا كثير العلم وكان يسمى البحر فى العلم وذكر له ابن النحوى أشياء فى كتابه الرد على أولى الرفض والمكر فيمن كنى بأبى بكر وقبره بالنقعة معروف يزار وحول قبره الخمسة ابدال ودبير العابد ومعه فى التربة قبر المحاملى واسمه عبد الله صاحب التصانيف كان من أجل العلماء وأكابر الزهاد يقال انه من وقف بين المحاملى