وفي قول ثالث : أن المشروطة جائزة من الطرفين ، والمطلقة لازمة من طرف السيد (١) خاصة ، ويتوجه عدم صحة الرهن أيضا كالسابق.
(ومال الجعالة بعد الرد (٢) ، لثبوته في الذمة حينئذ(لا قبله) (٣) وإن شرع فيه (٤) لأنه لا يستحق شيئا منه (٥) إلا بتمامه (٦) وقيل : يجوز بعد الشروع ، لأنه يؤول إلى اللزوم كالثمن في مدة الخيار ، وهو ضعيف. والفرق واضح ، لأن البيع يكفي في لزومه إبقاؤه على حاله فتنقضي المدة ، والأصل عدم الفسخ عكس الجعالة.
(ولا بد من إمكان استيفاء الحق من الرهن (٧) لتحصل الفائدة المطلوبة من
______________________________________________________
(١) وهذا على خلاف ما قاله في المسالك من أن المطلقة لازمة من الطرفين ، إلا أن يكون القول المذكور لبعض العامة ولم أجد من نقله عن واحد من الأصحاب.
(٢) لو كان المالك قد جعل جعالة لمن ردّ ماله المفقود ، وقام البعض برده فيستحق الأجرة ، وهي دين ثابت في الذمة فيصح الرهن عليه.
أما قبل رد المفقود فهل يصح للمجعول له الرهن أولا ، هذا إذا كان قد شرع في العمل ، وأما قبل الشروع في العمل فلا يصح له أخذ الرهن لعدم استحقاق المجعول قبل العمل بلا خلاف فيه كما في الجواهر.
وأما إذا كان بعد الشروع فلا يصح الرهن لأنه لم يستحق الأجرة إلا بالرد ، والرد لم يتحقق وإن شرع في العمل كما عليه الأكثر ، وعن العلامة في التذكرة جواز الرهن لا لانتهاء الشروع في العمل إلى اللزوم بتحقق الرد ، ومعه يثبت الحق في ذمة الجاعل كالثمن في مدة الخيار.
وردّ بأن الشروع ما لم يتحقق الرد لا يوجب اشتغال ذمة الجاعل فعلى أي شيء يقع الرهن ، وهذا بخلاف الرهن على الثمن في مدة الخيار ، فإنه ثابت من حين العقد وإن لم يكن مستقرا ، وقد أتى الشارح في المسالك بفارق آخر حيث قال : (والفرق بينها وبين البيع في زمن الخيار واضح ، لأن البيع متى أبقي على حاله انقضت مدة الخيار وثبت له اللزوم والأصل فيه عدم الفسخ ، عكس الجعالة فإن العمل فيها لو ترك على حاله لم يستحق بسببه شيء والأصل عدم الإكمال) انتهى.
(٣) أي قبل الرد.
(٤) في العمل.
(٥) من مال الجعالة.
(٦) بتمام العمل.
(٧) فالحق الذي أخذ الرهن لأجله لا بدّ فيه من إمكان استيفائه من الرهن ، لأن فائدة الرهن