ـ وله كتاب عمل اليوم والليلة وهو أحسن ما عمل في هذا الفن بشهادة حاجي خليفة في كشف الظنون باستثناء كتاب ابن السني.
هذا الكتاب :
وهذا الكتاب الذي نقدمه قال عنه حاجي خليفة في كتابه «كشف الظنون» هو للإمام أبي عبد الرحمن النسائي الحافظ ، ذكر أنه قيل له : لم لا صنفت في فضائل الشيخين؟ قال : دخلت دمشق والمنحرف عن علي كثير ، فصنفته رجاء أن يهديهم الله سبحانه وتعالى به.
وتشير هذه العبارة إلى سبب تأليفه الكتاب ، وأنه ألفه في دمشق ، ولم يكن قد ألفه في مصر قبل أن يخرج منها.
وجاء في الموسوعة الذهبية للعلوم الإسلامية للدكتورة فاطمة محجوب نص ما ذكره حاجي خليفة في كشف الظنون.
نقول : وكان هدف النسائي نبيلا : فقد أراد أن يخرج الناس من غيبوبة التعصب التي تغطي على الأعين ، وتجعلهم يغفلون عن مآثر غير من يتعصبون له ، وهذا داء يناقض ما يدعو إليه الإسلام من إنصاف ، وما يريده من أبنائه من مراعاة العدل في إصدار الأحكام ، وقد قال الله تعالى في محكم كتابه : (وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ) [المائدة : ٨].
فإذا كان الله قد أمرنا بمراعاة العدل مع الأعداء الذين لا يؤمنون بالله فمن باب أولى وجوب مراعاته مع إخواننا المسلمين الذين يخالفوننا في رأي أو مذهب.
جاء في تفسير هذه الآية في كتاب الجامع لأحكام القرآن : يقول الله تعالى أتممت عليكم نعمتي فكونوا قوامين لله ، أي لأجل ثواب الله ، فقوموا بالحق واشهدوا بالحق من غير ميل إلى أقاربكم وحيف على أعدائكم ، ولا يجرمنّكم أي لا يحملنكم ، شنئان بغض قوم على ترك العدل وإيثار العدوان على الحق ، وفي هذا دليل على نفوذ حكم العدو على عدوه في الله تعالى ، ونفوذ شهادته على عدوه ، لأنه أمر بالعدل وإن أبغضه ، ولو كان حكمه عليه وشهادته لا تجوز فيه مع البغض له لما كان لأمره