ـ وهو يومئذ صحيح قبل أن يعمى ـ قال : أنا أقوم معكم. فتحدثوا ، فلا أدري ما قالوا ، فجاء وهو ينفض ثوبه وهو يقول : أف وتف (١) يقعون في رجل له عشر (٢) ، وقعوا في رجل قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «لأبعثن رجلا يحب الله ورسوله لا يخزيه الله أبدا» فأشرف من استشرف ، فقال : «أين علي؟» قيل : هو في الرحا يطحن ، وما كان أحدكم ليطحن ، فدعاه ، وهو أرمد ، ما يكاد أن يبصر ، فنفث في عينيه ثم هز الراية ثلاثا ، فدفعها إليه ، فجاء بصفية بنت حيي ، وبعث أبا بكر بسورة التوبة وبعث عليا خلفه ، فأخذها منه ، فقال : «لا يذهب بها إلا رجل هو مني ، وأنا منه» ودعا رسول الله صلىاللهعليهوسلم الحسن ، والحسين ، وعليا ، وفاطمة ، فمد عليهم ثوبا فقال : «اللهم هؤلاء أهل بيتي ، فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا» وكان أول من أسلم من الناس بعد خديجة ، ولبس ثوب رسول الله صلىاللهعليهوسلم ونام ، فجعل المشركون يرمون كما يرمون رسول الله صلىاللهعليهوسلم ـ وهم يحسبون أنه نبي الله صلىاللهعليهوسلم ـ فجاء أبو بكر ، فقال : يا نبي الله ، فقال علي : إن نبي الله قد ذهب نحو بئر ميمون ، فأتبعه ، فدخل معه الغار. وكان المشركون يرمون عليا حتى أصبح. وخرج بالناس في غزوة تبوك فقال علي : أخرج معك؟ فقال : «لا» فبكى ، فقال : «أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنك لست بنبي؟» ثم قال : «أنت خليفتي» يعني في كل مؤمن بعدي قال : وسد أبواب المسجد غير باب علي ، فكان يدخل المسجد وهو جنب ، وهو في طريقه ليس له طريق غيره ، وقال : «من كنت وليّه فعلي وليّه». قال ابن عباس : وقد أخبرنا الله في القرآن أنه قد رضي عن أصحاب الشجرة ، فهل حدثنا بعد أنه سخط عليهم. قال : وقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم لعمر حين قال : ائذن لي ، فلأضرب عنقه حاطبا حاطبا ـ وقال : «ما يدريك لعل الله قد اطلع على أهل بدر فقال : اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم» (٣).
__________________
(١) أف وتف : لفظتان تقالان عند الضيق والضجر والأذى.
(٢) له عشر : أي له عشر فضائل خصه الله بها.
(٣) رواه أحمد في مسنده ج ١ ص ٢٣٠.
ورواه الطبراني في المعجم الكبير ح ١٢ ص ٩٧.
ورواه الحاكم في المستدرك ج ٣ ص ١٣٢.