وولده ، ولو كانت محاباة منه لآثر بها ولده ، فبرئ منها إلى رهط أنا أحدهم ، فلما اجتمع الرهط تذكرت في نفسي قرابتي ، وسابقتي ، وفضلي ، وأنا أظن أن لا يعدلوا بي ، فأخذ عبد الرحمن مواثيقنا ، أن نسمع ، ونطيع لمن ولاه أمرنا ، ثم أخذ بيد ابن عفان ، فضرب بيده ، أي بايعه ، فنظرت في أمري ، فإذا طاعتي قد سبقت بيعتي ، وإذا ميثاقي قد أخذ لغيري ، فبايعنا عثمان ، فأديت إليه حقه ، وعرفت له طاعته ، وغزوت معه في جيوشه ، وكنت آخذ إذا أعطاني ، وأغزو إذا أغزاني ، وأضرب بين يديه الحدود بسوطي ، فلما أصيب نظرت في أمري ، فإذا الخليفتان اللذان أخذاها بعهد رسول الله صلىاللهعليهوسلم بالصلاة قد مضيا ، وهذا الذي قد أخذ له ميثاقي قد أصيب ، فبايعني أهل الحرمين ، وأهل هذين المصرين.
هذا إسناد جيد ، وإن كان فيه أبو بكر الهذلي وقد ضعف (١) ، فقد رواه الإمام الحجة إسحاق بن راهويه في «مسنده» فقال :
٤٠ ـ حدثنا عبدة بن سليمان ، ثنا أبو العلاء سالم المرادي ، سمعت الحسن فذكر نحوه وزاد فيه «فوثب فيها من ليس مثلي ، ولا قرابته كقرابتي ، ولا علمه كعلمي ، ولا سابقته كسابقتي ، وكنت أحق بها منه» ، قالا له : فأخبرنا عن قتالك هذين الرجلين ـ يعنيان : طلحة والزبير ـ فقال : بايعاني بالمدينة وخالفاني بالبصرة ، ولو أن رجلا ممن بايع أبا بكر أو عمر خلعه لقاتلناه أيضا.
وقد رواه أيضا عن سالم ـ يعني ابن عبيد الطنافسي ـ وروى نحوه عن الحريري عن أبي نضرة العبدي أن رجلا قام إلى علي رضياللهعنه يوم صفين ، فسأله ، وساق الحديث بطوله ، وهذه كلها طرق يقوي بعضها بعضا ، والنفس تركن إلى صحتها ، والله تعالى أعلم (٢) ، ومما يشهد لذلك ما رويناه في «سنن» أبي داود قال :
٤١ ـ حدثنا إسماعيل بن إبراهيم الهذلي ، ثنا ابن علية ، عن يونس ، عن الحسن ، عن قيس بن عباد قال : قلت لعلي : أخبرنا عن مسيرك هذا ، أعهد عهده إليك رسول
__________________
(١) قلت : أبو بكر الهذلي هذا ، لخص حاله الحافظ في «التقريب» (٢ / ٤٠١) فقال : «متروك الحديث» ، فكيف يكون السند حسنا؟!!.
(٢) أبو العلاء المرادي ، مقبول ، شيعي ، فمن ناحية القبول ، فقد توبع عليه ، ولكن متابعه واه كما سبق ، والعلة فيه أنه شيعي ، وقد تقدم ما قيل في هذا النوع ، وفيه أيضا تدليس الحسن.