أبيض ، وريحها كذلك ، ويستقى منها كثيرا ، قال : وذرعتها فكان طولها أحد عشر ذراعا وشبرا ، منها ذراعان راجحة ماء ، والباقي بناء ، وعرضها ستة أذرع كما ذكر أبو داود.
قلت : وذرعتها فكان ذرعها كذلك لم يتغير ، إلا أن قفّها مرتفع عن الأرض الأصلية ذراعا ونصفا راجحا ، وهي ـ كما قال المطري ـ في جانب حديقة عند طرف الحديقة الشامي ، والحديقة في قبلة البئر ، ويستقي منها أهل حديقة أخرى شمالي البئر ، وهي بينهما ، وماؤها عذب طيب مع تعطّلها في زماننا وخراب قفّها ، وهي المرادة بما في صحيح البخاري عن سهل بن سعد «إن كنا لنفرح بيوم الجمعة ، كانت لنا عجوز تأخذ من أصول الصلق» وفي رواية له» ترسل إلى بضاعة» قال ابن سلمة أي شيخ البخاري : محل بالمدينة ، الحديث.
قال الإسماعيلي : في هذا بيان أن بئر بضاعة بئر بستان ؛ فيدل على أن قول أبي سعيد «كانت تلقى فيها الحيض وغيرها» أنها كانت تطرح في البستان فيجريها المطر ونحوه إلى البئر.
قلت : ومن شاهد بضاعة علم أنه كذلك لأنها في وهدة ، وحولها ارتفاع ، سيما في شاميها ؛ إذا قدر اليوم هناك أقذار لسال بها المطر إليها ، وتلقي الرياح فيها ما تلقي ، وادعى الطحاوي أنها كانت سيحا ، وروى ذلك عن الواقدي ، وإن صحّ فلعل المراد به أن الأرض التي حولها كانت المياه تسيح فيها فتجرّ الأقذار إليها ؛ لإطباق مؤرخي المدينة العالمين بأخبارها على تسميتها ببئر ، لا كما قال بعض الحنفية : إنها كانت عينا جارية إلى بستانين ، إذ المشاهدة تردّه كما قاله المجد ، قال : ولو كان كذلك لما صلح أن يقول فيها المريض «اغسلوني من ماء بضاعة» لأن الجرية الأولى سارت ببصاق النبي صلىاللهعليهوسلم ، وأيضا فلو كانت قناة جارية وسدت لما خفي آثار مجاريها المنسدة ، والمشاهدة مع الإطباق على أنها البئر المذكورة كافية في الرد.
وقال المجد : بضاعة دار بني ساعدة ، وبها هذه البئر ، ونقله الحافظ ابن حجر عن بعضهم ، ومقتضى كلام شيخ البخاري المتقدم أنها اسم للبستان الذي فيه البئر ، والظاهر إطلاقها على الثلاثة ، والله أعلم.
بئر جاسوم : ويقال جاسم ـ بالجيم والسين المهملة ـ لم يذكرها والتي بعدها ابن النجار ومن بعده ، وتقدم في مسجد راتج من رواية ابن شبة أن النبي صلىاللهعليهوسلم صلّى في مسجد راتج ، وشرب من جاسوم ، وهي بئر هناك.
وروي هو وابن زبالة أيضا عن خالد بن رباح أن النبي صلىاللهعليهوسلم «شرب من جاسوم بئر أبي الهيثم بن التيهان».