اليهودي لا يسقى منها أحدا قطرة إلا بثمن ، فاشتريتها بمالي بأربعين ألفا ، فجعلت شربي فيها وشرب رجل من المسلمين سواء ، ما استأثرتها عليهم؟ قالوا : قد علمنا ذلك.
وعن الزهري أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : من يشتري رومة بشرب رواء في الجنة؟ فاشتراها عثمان رضي الله تعالى عنه من ماله فتصدق بها.
وعن عبد الرحمن بن حبيب السلمي قال : قال عثمان رضي الله تعالى عنه : أنشدكم الله ، أتعلمون أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : من اشترى بئر رومة فله مثلها من الجنة ، وكان الناس لا يشربون منها إلا بثمن ، فاشتريتها بمالي فجعلتها للفقير والغني وابن السبيل؟ فقال الناس : نعم.
وعن أسامة الليثي قال : لما حصر عثمان رضي الله تعالى عنه أرسل إلى عمّار بن ياسر يطلب أن يدخل عليه روايا ماء ، فطلب له ذلك عمار من طلحة ، فأبى عليه ، فقال عمار : سبحان الله اشترى عثمان هذه البئر ـ يعني رومة ـ بكذا وكذا ألفا ، فتصدق به على الناس ، وهؤلاء يمنعونه أن يشرب منها
وروى النسائي والترمذي وحسّنه عن عثمان أنه قال : أنشدكم بالله والإسلام هل تعلمون أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قدم المدينة وليس بها ماء يستعذب غير بئر رومة ، فقال : من يشري بئر رومة يجعل دلوه مع دلاء المسلمين ـ الحديث.
وفي صحيح البخاري عن عبد الرحمن السلمي أن عثمان حيث حوصر أشرف عليهم وقال : أنشدكم بالله ، ولا أنشد إلا أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم تعلمون أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال من حفر بئر رومة فله الجنة؟ فحفرتها ـ الحديث ، وفيه : وصدّقوه بما قال.
وللنسائي من طريق الأحنف بن قيس أن الذين صدقوه بذلك علي بن أبي طالب وطلحة والزبير وسعد بن أبي وقاص. ورواه ابن شبة من حديث الأحنف إلا أنه قال : أنشدكم الله الذي لا إله إلا هو ، هل تعلمون أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : من يبتاع بئر رومة غفر الله له ، فابتعتها بكذا وكذا ، فأتيت رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقلت : إن ابتعت بئر رومة ، فقال : اجعلها سقاية للمسلمين ، وآخرها لك؟ قالوا : نعم.
وقال ابن بطال في الكلام على رواية البخاري قوله : «فحفرها عثمان» وهم في بعض الروايات ، والمعروف أن عثمان اشتراها ، لا أنه حفرها ، قال الحافظ ابن حجر عقبه : المشهور في الروايات كما قال ، لكن لا يتعين الوهم ؛ فقد روى البغوي في الصحابة من طريق بشر بن بشير الأسلمي عن أبيه قال : لما قدم المهاجرون المدينة استنكروا الماء ، وكانت لرجل من بني غفار عين يقال لها رومة ، وكان يبيع منها القربة بمد ، فقال له رسول الله صلىاللهعليهوسلم : بعينها بعين في الجنة ، فقال يا رسول الله ليس لي وعيالي غيرها ، ولا أستطيع ذلك ،