وهذه البئر في أسفل وادي العقيق ، قريبة من مجتمع الأسيال ، في براح واسع من الأرض ، وعندها بناء عال بالحجارة والجص قد تهدم.
قال ابن النجار : قيل : إنه كان دارا لليهودي ، وحولها مزارع وآبار كثيرة ، وهي قبلى الجرف وشمالي مسجد القبلتين بعيدة منه ، قال ابن النجار : وقد انقضت خرزتها وأعلامها ، إلا أنها بئر مليحة جدّا ، مبنية بالحجارة الموجّهة ، قال : وذرعتها فكان طولها ثمانية عشر ذراعا ، منها ذراعان ماء وباقيها مطموم بالرمل الذي تسفيه الرياح فيها ، وعرضها ثمانية أذرع ، وماؤها طاف ، وطعمه حلو ، إلا أن الأجون غلب عليه.
وقال المطري : وقد خرجت ، ونقضت حجارتها ، وانطمّت ، ولم يبق منها اليوم إلا أثرها.
قال الزين المراغي : وقد جددت بعد ذلك ، ورفع بناؤها عن الأرض نحو نصف قامة ، ونزحت فكثر ماؤها ، أحياها كذلك القاضي شهاب الدين أحمد بن محمد بن محمد بن المحب الطبري قاضي مكة المشرفة في حدود الخمسين وسبعمائة ، قال : فتناوله إن شاء الله تعالى عموم حديث «من حفر بئر رومة فله الجنة» انتهى.
ومن الغريب قول عياض في مشارقه : بئر رومة بضم الراء بئران مشهوران بالمدينة ، انتهى ، ولم أقف له على أصل.
بئر السقيا : ـ بضم السين المهملة ، وسكون القاف ، من سقاه الغيث وأسقاه ـ تقدم ذكرها في مسجد السقيا في حديث ابن زبالة أن النبي صلىاللهعليهوسلم عرض جيش بدر بالسقيا ، وصلّى في مسجدها ، ودعا هناك ، الحديث ، وفيه واسم البئر السقيا ، واسم أرضها الفلجان.
وروى ابن شبة عن جابر بن عبد الله قال : قال أبي : يا بني إنا اعترضنا هاهنا بالسقيا ، حين قاتلنا اليهود بحسيكة ، فظفرنا بهم ، ونحن نرجو أن نظفر ، ثم عرضنا النبيّ صلىاللهعليهوسلم بها متوجها إلى بدر ، فإن سلمت ورجعت ابتعتها وإن قتلت فلا تفوتنك ، قال : فخرجت أبتاعها ، فوجدتها لذكوان بن عبد قيس ، ووجدت سعد بن أبي وقّاص قد ابتاعها وسبق إليها ، وكان اسم الأرض الفلجان ، واسم البئر السقيا.
قال ابن شبة : قال محمد بن يحيى : وسألت عبد العزيز بن عمران عن حسيكة ، وذكر ما سيأتي فيها ، ثم قال : قال أبو غسان : وأخبرني عبد العزيز بن عمران عن راشد بن حفص عن أبيه قال : كان اسم أرض السقيا الفلج ، واسم بئرها السقيا ، وكانت لذكوان بن عبد قيس الزرقي ، فابتاعها منه سعد بن أبي وقاص ببعيرين.
وروى أيضا عن عائشة رضي الله تعالى عنها أن النبي صلىاللهعليهوسلم «كان يستقي له الماء العذب من بئر السقيا» وفي رواية «من بيوت السقيا» ورواه أبو داود بهذا اللفظ ، وسنده جيد ، وصححه الحاكم.