وعن رجل من الأنصار أنه كان نازلا تحت سرحة ببطن العقيق إذ وقف عليه ابن عمر ، فسلم ، ثم قال : من دلّك عليها؟ قال : الذي دلّك عليها ، قال ابن عمر : فهل تدري لم يستحب ظلال السرح : قال الرجل : إنه ظليل ، وليس له شوك ، قال ابن عمر : ولغيره ، أرأيت إذا كنت بين الأخشبين من منى فإن بينك وبين مطلع الشمس واديا يقال له وادي سرر ، سرّ به سبعون نبيا ، وقد سر نبي منهم تحت سرحة فدعا للسرح ، فهي لا تقيل كما يقيل الشجر.
وعن محمد بن معن الغفاري قال : أراد محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان أن يخرج إلى مكة ، فذكر ذلك لعبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز ، قال له عبد العزيز : هل لك أن تقيل عندي أنت وأصحابك ثم تروحون من عندنا وهو بالبطحان في قصر عمر بن عبد العزيز؟ فقال محمد : نعم ، فهيأ لهم نزلا ، فقال محمد : ما بقي شيء يبر به أحد أحدا إلا وقد أنزلتناه إلا طعام البادية ، قال : وما هو؟ قال : التمر والزبد ، قال : أما الغنم فإنها لعاصم بنت سفيان بن عاصم بن عبد العزيز ، يعني امرأته ، ولست مقدما على شيء منها إلا بإذنها ، ولكني سأستطعمها لكم ، وكتب إليها :
إن عندي فدتك نفسي ضيوفا |
|
واجب حقّهم كهولا ومردا |
عمدوا جارك الذي كان قدما |
|
لا يرى من كرامة الضيف بدا |
فلديه أضيافه قد قراهم |
|
وهمو يشتهون تمرا وزبدا |
فلهذا جرى الحديث ، ولكن |
|
قد جعلنا بعض المزاحة جدّا |
فقال له محمد : ما زال هذا العيش بينكما ، قال : نعم والله ما مسست غيرها ، ولا احتلمت بغيرها قط ، ولا خالفتها في شيء هويته قط ، فبعثت إليهم بتمر وزبد.
وعن عبد العزيز بن أبي حازم قال : كان عروة بن الزبير قائما بفناء قصره نصف النهار ، إذ أقبل شيخ من أهل المدينة معه حمام ، فوقف عند الميل ، فمسح حمامه ، وسوّى ريشه ثم أرسله ، ثم أقبل على بئر عروة فشرب من مائها ، فقال له عروة : جئت في مثل هذه الساعة كأنك صبي ، فأرسلت حماما ، وقد قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم «شيطان يتبعه شيطان» فقال الشيخ :
يا خليلي لا تكلم |
|
ليس فيه من ملام |
وعن عبد العزيز بن عبد الله قال : بينا أنا بالعقيق إذ أقبل رجل له موضع يحمل حماما ، فقلت له : مثلك يحمل هذا الحمام؟ ولا أراك إلا قد راهنت به ، قال : أجل ، وما في ذلك؟ قلت : إنه حرام ، قال : فهذه الخيل يراهن بها ، قلت : تلك سنة ، قال : وهذه رعلة ، ثم انصرف ، انتهى.