أحق به ، فجمع بعضهم لبعض بملتقى قنيع ، وكان سيد بني جعفر عبود بن خالد ، ورأس أبي بكر معروف بن عبد الكريم وأخته زوجة عبود أم ولده طفيل ، وكان طفيل من أشد بني جعفر على أخواله ، فخرجت أمّه ليلا لقومها ، فقالت : أشد بني جعفر لكم عداوة ابن أختكم ، فإنه معلم بحبه حرمر ، فليكن أول قتيل ، ثم تداعى القوم للصلح على تحكيم سلمة ابن عمرو العريقي ، وكتبوا بذلك وأشهدوا وتواعدوا أن يتوافوا عنده بأربعين من كل بطن ، ثم نزلوا بسلمة عند الأجل ، فأقام أياما ينحر لهم كل يوم جزورا ، ويعطف بعضه على بعض ، ويزهدهم في قنيع ، فقالوا : إنا لم نجئ لتنحر لنا إبلك ، فقال : حياكم الله يا بني كلاب ، أتيتموني في أمر عار ذكره وأهجن ، ولست بحاكم حتى أعقد لنفسي أن لا تردّوا أنتم ولا من وراء كم حكمي ، فأخذ عليهم الطلاق والعتاق والمواثيق ، ثم قال : أراكم يا بني كلاب كلكم ظالم ، تقطعون أرحامكم في غير مائكم ، لا أرى لأحد منكم فيه حقا ، فرضوا جميعا ، فامتدحه شعراؤهم ، وكان شريفا حسن العلم بالسنن.
قال عقيل بن عرندس الكلابي يمدحه وأهل بيته بني عمرو بقصيدة منها :
يا أيها الرجل المعني شبيبته |
|
تبكي على ذات خلخال وأسوار |
خيرتنا وبنى عمرو فإنهم |
|
ذوو فضول وأحلام وأنظار |
هينون لينون أيسار بنو يسر |
|
سوّاس مكرمة أبناء أيسار |
من تلق منهم فقد لاقيت سيدهم |
|
مثل النجوم سرى في ضوئها الساري |
وقال فيه وفي أخيه جامع أحد بني بكر :
إذا ما غنى فأخرتها قبيلة |
|
فإن غنيّا في ذرى المجد أفخر |
وكم فيهم من سيد وابن سيد |
|
ومن فارس يوم الكريهة مسعر |
هم رتقوا الفتق الذي كان باديا |
|
وقاموا بأفق الحق ، والحقّ أنور |
فرحنا جميعا طائعين لحكمه |
|
وهل يدفع الحكم الجليل المنور |
واحتفر بعض بني حسن بن علي بالحمى ، واتخذ إلى جنب حفرته عينا ساحت ثم خرجت في غربي طخفة بشاطئ الريان على ثلاثة عشر ميلا من ضرية ، وهي بيد ناس من بني جعفر ثم من بني ملاعب الأسنة من جهة بني أختهم الحسنيين.
وكان لبني الأردم ـ وهم من بني تميم بن لؤي ـ ماء قديم على طريق أهل ضرية إلى المدينة على ثمانية عشر ميلا من ضرية يسمى الجفر ، ومعهم نفر من بني عامر بن لؤي ، فاحتفر سعيد بن سليمان الساحقي العاري عينا وأساحها وغرس عليها نخلا كثيرا على ميل أو نحوه من حفر بني الأدرم بدارة الأسود جبل عظيم أسود ، وهي عامرة كثيرة النخل.
ولما ولى إبراهيم بن هشام المدينة احتفر بالحمى حفيرة لهضب اليمنى على ستة أميال من