ولما ولي أبو خليد العبسي خال الوليد عمل ضرية نزلها وحفر في جوف النّتاءة في حق غني فقيره ، فلما ولي بنو العباس هدمت غنى تلك الحفرة وسوّوها بالأرض.
ولبني عبس ماء في شعب يقال له الأسودة ، ولهم بالحمى ماء يقال له ضحح في إبط رميلة الحسى حسى بن حصبة ، ولهم الحاء بها نخل كثير ، ولهم مياه أخرى ، ثم الأقعس ، ثم تليه هضبات تدعى قطبيات في إقبال البئر ، ثم يليها هضبات يقال لها العرائس في بلد كريم من الوضح في إقبال البئر أيضا ، وبين العرائس جبل يقال له عمود الكور.
شعر : جبل عظيم في ناحية الوضح ، وعنده ماء يقال له الشطون ، أكثر الشعراء من ذكره ، قال الخضري :
سقى الله الشطون شطون شعر |
|
وما بين الكواكب والغدير |
وعن يسار العرائس بالوضح جبال بينهن آبار صغار سود علاهن الرمل مشرفات على مهزول ، وهو واد في إقبال البئر ، وهن تسمين العثاعث ، ذكرهن ابن شوذب في شعر مدح به السرى ، فقال من أبيات :
بربا العثاعث حيث واجهت الربا |
|
سند العروس وقابلت مهزولا |
ثم يلي العثاعث ذو عثث واد يصبّ في التسرير ، ويصب فيه وادي مرعي وهو بناحية الحمى ، ثم يليه نضاد ، وهو بطرف البئر الشرقي في حقوق عنى ، ويلي البئر جبال كثيرة سود بعضها إلى بعض ، ومنها تخرج سيول التسرير ، وبنضاد وذي عثث تلتقي سيولها ، والحثحاث والبقر بأقبال نضاد ، وهما المعنيان بالحمى ، ثم بلى الأقعس عن يسار المصعد هضب اليلبين ، وأقرب المياه إليه ماء يقال له اليلبين ، وبين هضب اليلبين والربذة نيف وعشرون ميلا ، ثم يلي هضب اليلبين عن يسار المصعد الجمارة قنان سود بينها وبين الربذة خمسة عشر ميلا ، في مهب الشمال عن الربذة ، وبينهما هضب يقال لها سنام ، ثم يلي الجمارة جبال سود تدعى الهاربية ، بينها وبين الربذة أربعة عشر ميلا ، ثم هضب المنحر ، ثم رحرحان.
انتهى ما لخصته مما نقله الهجري ، وقد أكثر الشعراء وغيرهم من ذكر هذا الحمى وأعلامه وأخباره.
وحكى ابن جني في النوادر الممتعة عن المفضل بن إسحاق قال هو أو قال بعض المشيخة : لقيت أعرابيا فقلت : ممن الرجل؟ فقال : من بني أسد ، فقلت : فمن أين أقبلت؟ قال : من هذه البادية ، قلت : فأين مسكنك منها؟ قال : مساقط الحمى حمى ضرية بأرض ها لعمر الله ما نريد بها بدلا ولا عنها حولا ، قد نصحتها الغدوات ، وحفتها الفلوات ، فلا يملولح ترابها ، ولا يمعر جنابها ، ليس فيها أذى ولا قذى ، ولا وعك ، ولا موم ، ولا