دعوت الله إذ سغبت عيالي |
|
ليجعل لي لدى وسط طعاما |
فأعطاني ضريّة خير بئر |
|
تمجّ الماء والحب التؤاما |
ووسط : جبل على ستة أميال من ضرية يطأ الحاج المصعد خيشومه ، وبناحيته اليسرى دارة سعتها ثلاثة أميال أو أربعة ، وقنيع في أعلاها ، وهي بين وسط وعسعس ويقال لها أيضا : دارة عسعس ، وعسعس : جبل أحمر مجتمع في السماء بهيئة رجل جالس له رأس ومنكبان.
وأما عين ضرية وسيحها فيقال : إنه كان لعثمان بن عنبسة بن أبي سفيان ، وهو الذي حفرها واغترس النخل وضفر بها ضفيرة بالصخر لينحبس الماء ، وهو سد يعترض الوادي فيقطع ماءه وينحبس زمانا ليكون أغزر للعين ، فلما قام أبو العباس كان ذلك فيما قبضوا ، ففي آخر ولاية أبي العباس وكانت تحته أم سلمة المخزومية من بني جعفر بن كلاب وقد أحالها معروف بن عبد الله عليه فأكرمه فسأله أن يقطعه عين ضرية فأقطعه ، وكان بدويا ذا زرع ، فلما أرطب نخلها نزلها بأهله ، وكانت نعمه ترد عليه ، وسأله ناس من ضريّة أن يعريهم من نخله ، فأعراهم ، وصار يجني للضيفان من الرطب ، ويحلب لهم من إبله ، فمكث نحو شهرين ، فأتاه ضيفان بعد ما ولي الرطب ، فأرسل فلم يؤت إلا بقليل ، وقال له الرسول : ذهب الرطب إلا ما ترى ، فقال : يسوؤني أن أعود على ضيفاني من نخلكم ، وكان قيمه على العين زرع قثاء وبطيخا ، فأتاه بشيء منه ، فقال : قبح الله ما جئت به ، احذر أن يراه عيالي ، وكره النخل ، وأراد بيعه ، فاشتراه منه عبد الله الهاشمي عامل اليمامة بألفي دينار ، ثم ولاه جعفر بن سليمان إذ سأله إياه ، فأحدث بسوق ضرية حوانيت جعلها سماطين داخلين في سماطي ضرية الأولين فيهما نيف وثمانون حانوتا ، فربما جمعت غلة الحوانيت والنخل والزرع ثمانية آلاف درهم في السنة ، وكان شأن الحمى عند ولاة المدينة عظيما ، كانوا يستعملون عاملا وحده ، وكانت إصابته فيه عظيمة ، وكان لحواطه سلطان عظيم ، وحواط كل ناحية : سادة القوم وأشرافهم ، وكان يقال لعامل الحمى : عامل الشرف.
وأقرب أجبل الحمى للمصعد ـ أي أقرب ما ترى من جباله ـ جبل الستار على طريق البصرة ، أحمر مستطيل فيه ثنايا تسلك ، ومنه طريق البصرة ، بينه وبين أمرة خمسة أميال ، وهو في دار غنى في ناحية هضب الأشق ، وبالأشق مياه : منها الريان في أصل جبل أحمر طويل ، ومن هضب الأشق هضبة في ناحية عرفج يقال لها الشيماء ، وفي غربي الأشق سواج الطريق تطأ خيشومه.
ومتالع : جبل أحمر عظيم عن يمين أمرة ، على ثلاثة أميال منها البثاءة بينها من أكرم أعلام العرب موضعا.