ومجلس دفاعه وتسابق الأشراف والعرفاء إليه ، فقال : أرأيتم ما صنع هؤلاء القوم؟ قالوا : رأينا أصلح الله الأمير ، إنّما فعل ذلك الأزد ، فشد يدك بساداتهم فهم الذين استنقذوه من يدك. فأرسل عبيد الله بن زياد إلى عبد الرحمن بن مخنف الأزدي فأخذه ، وإلى جماعة من أشراف الأزد فحبسهم وقال : لا خرجتم من يدي أو تأتوني بعبد الله بن عفيف.
ثم دعا بعمرو بن الحجاج الزبيدي ، ومحمد بن الأشعث ، وشبث بن ربعي ، وجماعة من أصحابه ، فقال لهم : اذهبوا إلى هذا الأعمى الذي أعمى الله قلبه كما أعمى عينيه فاتوني به ، فانطلقوا يريدون عبد الله بن عفيف وبلغ الأزد ذلك ، فاجتمعوا وانضمت إليهم قبائل من اليمن ليمنعوا صاحبهم ، فبلغ ذلك ابن زياد ، فجمع قبائل مضر وضمهم إلى محمد بن الأشعث ، وأمره أن يقاتل القوم ، فأقبلت قبائل مضر ، ودنت منهم اليمن فاقتتلوا قتالا شديدا ، وبلغ ذلك ابن زياد ، فأرسل إلى أصحابه يؤنبهم ويضعفهم ، فأرسل إليه عمرو بن الحجاج يخبره باجتماع اليمن معهم ، وبعث إليه شبث بن ربعي : أيّها الأمير إنّك بعثتنا إلى أسود الآجام فلا تعجل.
وأشتد اقتتال القوم حتّى قتلت جماعة من العرب ، ووصل القوم إلى دار عبد الله بن عفيف ، فكسروا الباب واقتحموا عليه وكانت له ابنة صغيرة فسمعت صهيل الخيل فصاحت : يا أبتاه إنّ الأعداء قد هجموا عليك ، فقال : لا عليك يا بنية ناوليني سيفي وقفي في مكانك ، ولكن قولي لي القوم عن يمينك وشمالك وخلفك وأمامك ، فناولته السيف ثم وقف لهم في مضيق فجعل يذب عن نفسه وهو يقول :
أنا ابن ذي الفضل عفيف الطاهر |
|
عفيف شيخي وأنا ابن عامر |
كم دارع من جمعكم وحاسر |
|
وبطل جدّلته مغادر |
وجعلت تقول ابنته : ليتني كنت رجلا فأقاتل بين يديك هؤلاء الفجرة ، قاتلي العترة البررة ، وجعل القوم يدورون عليه من يمينه وشماله وورائه ، وهو يذب عن نفسه بسيفه وليس أحد يقدم عليه كلما جاءوه من جهة قالت ابنته