الأوّل بونا بعيدا ؛ لأنّك ترى له صورة خاصة ، وتجدك قد فخّمت المعنى ، وزدت فيه بأن أفدت أنّه من الشجاعة وشدّة البطش ، وأنّ قلبه قلب لا يخامره الذّعر ، ولا يدخله الرّوع بحيث يتوهّم أنه الأسد بعينه ، ثم تقول : لئن لقيته ليلقينّك منه الأسد ، فتجده قد أفاد هذه المبالغة لكن في صورة أحسن وصفة أخص ، وذلك أنّك تجعله في (كأنّ) يتوهّم أنه الأسد ، وتجعله هاهنا يرى منه الأسد على القطع ، فيخرج الأمر عن حدّ التوّهّم إلى حدّ اليقين» لهذا عدّ التشبيه البليغ الذي حذف منه وجه الشّبه وأداة التشبيه أقوى انواع التشبيه لأنّه يرفع المشبّه إلى مرتبة المشبّه به إلى حدّ المماثلة التامّة.
أمثلة موضّحة :
قال الشاعر :
كم وجوه مثل النهار ضياء |
|
لنفوس كالليل في الإظلام |
في البيت تشبيهان :
١ ـ يشبّه وجوه بعض الناس بالنهار في ضيائها وجمالها (في الأوّل).
٢ ـ يشبّه في الثاني نفوس هؤلاء بالليل في تجهّمها وإظلامها.
في الأول : المشبه : وجوه. المشبّه به : النهار. أداة التشبيه : مثل (اسم). وجه الشّبه : ضياء.
في الثاني : المشبه : نفوس ، المشبّه به : الليل ، وجه الشبه : الإظلام ، أداة التشبيه : الكاف (حرف).
وقال آخر :
أنت مثل الغصن لينا |
|
وشبيه البدر حسنا |