وبيّن طرائق القرآن في التعبير عن المعاني وما يستحسن قوله في تفسيره. وقد توقف فيه عند وجوه المعنى ، والأوجه الإعرابية فبات شرحا إعرابيا لغويا بلاغيا في آن. ومن الظواهر البلاغية التي تطرق إليها نذكر على سبيل المثال لا الحصر : إيجاز الحذف أو المجاز المرسل بعلاقته المحلية عند ما فسّر قوله تعالى (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ) يوسف : ٨٢. وقد سمّى فيه المجاز العقلي بالمجاز اللغوي حيث أسند الفعل إلى غير ما هو له في الظاهر. وعرض لعدد من صور الالتفات ، ولمّح إلى ما يسمّى بالاستعارة التمثيلية. ويبدو أن مجاز أبي عبيدة صار سجلا مفتوحا إذ كتب فيه كل من :
١. قطرب ، محمد بن المستنير (ت ٢٠٦ ه) وله : مجازات القرآن.
٢. أبي زكريا الفرّاء (ت ٢٠٧ ه) وله : مجاز القرآن.
٣. ثعلب ، أبي العباس أحمد بن يحيى (ت ٢٩١ ه) وله : مجاز الكلام وتصاريفه.
وذكر ابن النديم أسماء عشرات الكتب المؤلفة في معاني القرآن ومشكله ومجازه للكسائي ، والأخفش ، والرؤاسي ، ويونس بن حبيب ، وابن الأنباري ، والزجّاج ، وثعلب وغيرهم (١) ، كما ذكر أسماء عشرات الكتب التي ألّفت في غريب القرآن لكلّ من أبي عبيدة ، ومؤرج السدّوسي ، وابن قتيبة ، واليزيدي ، وابن سلّام ، والطبري ، والسجستاني ، والعروضي ، والبلخي ، وابن خالويه (٢).
هذا الفيض من الكتب التي تناولت معاني القرآن ومجازه ساعدت على نشأة البلاغة وتحديد بعض أبوابها.
__________________
(١). ابن النديم ، الفهرست ، ص ٣٧.
(٢). ابن النديم ، الفهرست ، ص ٣٧.