اتَّبَعُوهُ فِي ساعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ ما كادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُفٌ رَحِيمٌ) (١).
ثم رتبوا مقولات لا أساس لها عن نفقات هذا الصحابي أو ذاك ، وجعلوا ذلك ذريعة لنسبة الفضائل والكرامات لمن أعوزتهم الفضائل في شتى مجالاتها ومظاهرها.
والحقيقة هي : أنه لم تكن في تبوك عسرة مالية ، ولا احتاج «صلىاللهعليهوآله» إلى أخذ الأموال من أحد ، وهذا هو ما قررته الآيات القرآنية الكثيرة ، التي نزلت لتعالج أمر هذه الغزوة ..
ويدلنا على ذلك أمور :
١ ـ قد ذكرت الآيات والروايات : أن المشكلة الأساسية في حرب تبوك هي الخوف والرعب من بني الأصفر ، ففي بعض النصوص : أن الجد بن قيس مثلا قد اعتذر عن تخلفه بقوله : «ما لي وللخروج في الريح والحر الشديد ، والعسرة إلى بني الأصفر ، فو الله ما آمن خوفا من بني الأصفر ، وأنا في منزلي ، أفأذهب إليهم أغزوهم ، إني والله يا بني عالم بالدوائر» (٢).
٢ ـ إنهم لا يتوقّعون من تلك الغزوة غنائم ولا سبايا ، ولا فتح بلاد ، وهذا هو ما يسعى إليه الكثيرون منهم ، حيث رضوا بالحياة الدنيا ، ولو لا ذلك لسارعوا إلى الخروج ، لأنهم كانوا يعرفون أن الحرب ستكون مع جبار ، لا يسهل الحصول على شيء من ذلك معه.
__________________
(١) الآية ١١٧ من سورة التوبة.
(٢) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٤٣٧.