اللهِ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ لَوْ كانَ عَرَضاً قَرِيباً وَسَفَراً قاصِداً لَاتَّبَعُوكَ وَلكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ وَسَيَحْلِفُونَ بِاللهِ لَوِ اسْتَطَعْنا لَخَرَجْنا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ) (١) إلى آخر الآيات (٢).
وعن كعب بن مالك قال : كان رسول الله «صلىاللهعليهوآله» قلّما يريد غزوة يغزوها إلا ورّى بغيرها ، حتى كانت غزوة تبوك فغزاها رسول الله «صلىاللهعليهوآله» في قيظ شديد ، واستقبل سفرا بعيدا ، وغزّى وعددا كثيرا ، فجلّى للمسلمين أمرهم ، ليتأهبوا أهبة غزوهم ، وأخبرهم بوجهه الذي يريده (٣).
ونقول :
إن الإعلان بمقصده «صلىاللهعليهوآله» في غزوة تبوك لم يكن لمجرد بعد الشقة ، وشدة الزمان ، وكثرة العدو ، ليتأهب الناس ، فإنه قد أرسل قبل سنة وشهرين سرية إلى مؤتة ، وهي أبعد من تبوك بكثير ، لأنها تقع في تخوم البلقاء من أرض الشام ، وكانت حشود الأعداء عظيمة ، وهائلة ، والشقة
__________________
(١) الآيتان ٤١ و ٤٢ من سورة التوبة.
(٢) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٤٣٤.
(٣) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٤٣٤ عن ابن أبي شيبة ، والبخاري ، وابن سعد ، وقال في هامشه : أخرجه البخاري (٢٩٤٨) و (ط دار الفكر) ج ٥ ص ١٣٠ ، وصحيح مسلم ج ٨ ص ١٠٦ ومسند أحمد ج ٣ ص ٤٥٦ والسنن الكبرى للبيهقي ج ٧ ص ٤٠ وج ٩ ص ٣٤ وص ١٥٠ وعمدة القاري ج ١٤ ص ٢١٦ وفيض القدير ج ٥ ص ١٢٣ وتفسير القرآن العظيم ج ٢ ص ٤١١ والطبقات الكبرى لابن سعد ج ٢ ص ١٦٧.