ونلاحظ هنا أمرين :
أحدهما : قد يقال : إن هذا النص ينافي ما تقدم من أنه «صلىاللهعليهوآله» كان يقول على المنبر وهو يحث الناس على المسير : «اللهم إن تهلك هذه العصبة لا تعبد في الأرض» .. فإن هذا يشير إلى أن ثمة خطرا حقيقيا كان يتهدد المسلمين آنئذ ، فإذا كان الله قد أخبر نبيه ، بأن الأمور تستقيم له من غير حاجة إلى حرب لم يصح هذا القول منه «صلىاللهعليهوآله».
الثاني : إذا كانت الأمور تستقيم للنبي «صلىاللهعليهوآله» بغير حرب ، فلما ذا يكبد الناس مشقة هذا السفر البعيد ، ويكلفهم مكابدة الأخطار والتفريط بالثمار في أيام القيظ ، وفي الزمان الشديد؟!
ونجيب :
أولا : إن هذا الكلام على المنبر في كل يوم لا يتناقض مع إخبار الله تعالى بأن الأمور سوف تنتهي بلا حرب ، بل هو كلام صادق في نفسه على كل حال.
ثانيا : إنه «صلىاللهعليهوآله» مكلف بأن يتعامل مع الناس وفق ما تقتضيه ظواهر الأمور. أما ما يعرّفه الله إياه بالوحي ، وبالطرق غير العادية ، فليس له أن يجري في تعامله مع أصحابه على أساسه ، إلا إذا أذن الله تعالى بذلك في بعض الموارد إذا توفرت مبررات الخروج عن هذه القاعدة.
ثالثا : إنه قد يكون نفس مبادرة الناس إلى الإنخراط في هذا الجيش ،
__________________
بن أبي طالب «عليهالسلام» في الكتاب والسنة والتاريخ ج ١ ص ٢٦١ وأعيان الشيعة ج ١ ص ٤١٥ وكشف الغمة ج ١ ص ٢٢٧.