ونقول :
إن من الواضح : أن هذه محاولة من هؤلاء المنافقين لتعمية أمرهم على الناس ، واكتساب مشروعية لنشاطهم بصلاة النبي «صلىاللهعليهوآله» في مسجدهم. مع أن أمرهم لم يكن ليخفى على رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ، فإنه كان قد عود الناس أن يكون هو البادئ بوضع الحجر الأساس لمساجدهم ، وهو الذي يختط لهم الدور والأسواق ، وسائر المرافق الحيوية في المدينة كلها .. فما معنى أن يستقل هؤلاء الناس باستحداث مسجد ، دون أن يعلموه به ، ودون أن يطلبوا منه أن يختطه لهم؟!
على أنهم قد صرحوا في كلامهم بأنهم قد قصدوا بمسجدهم أن يصلي فيه من لا يريد الحضور في مسجد رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ، من ذوي العلل والحاجات حسب زعمهم ، وهذا يزيد الشبهة في مقاصدهم ، ونواياهم الحقيقية.
ولكن النبي «صلىاللهعليهوآله» لم يظهر لهم أي شيء غير عادي ، بل ذكر لهم أن شغل السفر يمنعه من تلبية طلبهم .. وهذا التأجيل يمنحه الفرصة لاستخراج دخائلهم ، ولكي تكشف تقلبات الأحوال باطنهم للناس ، وقد حدث ذلك فعلا كما سنرى.
وهذ معناه : أن ثمة ما يبرر هذا الموقف السلبي النبوي منهم ، إذ لا يمكن أن يواجههم «صلىاللهعليهوآله» بمثل هذا الكلام من دون مبرر ولا سبب ، فإنه نبي معصوم ، بل إن قوله تعالى : (وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى إِنْ