قالوا : هذا أبو لبابة ، وأصحاب له ، تخلّفوا عنك يا رسول الله ، فعاهدوا الله ألّا يطلقوا أنفسهم حتى تكون أنت الذي تطلقهم ، فترضى عنهم وتعذرهم ، وقدا اعترفوا بذنوبهم.
فقال رسول الله «صلىاللهعليهوآله» : «وأنا أقسم بالله لا أطلقهم ولا أعذرهم حتى يكون الله تعالى هو الذي يطلقهم ، رغبوا عني ، وتخلفوا عن الغزو مع المسلمين»!!
فلما بلغهم ذلك قالوا : ونحن لا نطلق أنفسنا حتى يكون الله تبارك وتعالى هو الذي يطلقنا ، فأنزل الله تبارك وتعالى : (وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلاً صالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ) (١) ، وعسى من الله واجب ، (.. إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) (٢).
فلما نزلت أرسل رسول الله «صلىاللهعليهوآله» إليهم فأطلقهم وعذرهم.
قال ابن المسيب : فأرسل رسول الله «صلىاللهعليهوآله» إلى أبي لبابة ليطلقه ، فأبى أن يطلقه أحد إلا رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ، فجاءه رسول الله «صلىاللهعليهوآله» فأطلقه بيده ، فجاؤوا بأموالهم فقالوا : يا رسول الله ، هذه أموالنا فتصدق بها عنا واستغفر لنا.
فقال رسول الله «صلىاللهعليهوآله» : «ما أمرت أن آخذ أموالكم» ، فأنزل الله تعالى : (خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها وَصَلِّ
__________________
(١) الآية ١٠١ من سورة التوبة.
(٢) الآية ٣٧ من سورة البقرة.