فآثر أن يبقى في دائرة الجهل بما يريده الرسول ، ولا يعرض نفسه لاحتمالات لا يريد أن يعرض نفسه لها ..
وهذا يشير إلى ضعف ثقته بما يختاره الله ورسوله له ، وإبائه عن القبول به ، ويشير أيضا إلى أن نفسه أحب إليه من كل شيء حتى من رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ..
وهذا يدعونا إلى عدم الوثوق بما زعمه من نم على ما فرط منه لقوة احتمال أنه كان يريد أن تأتي الأمور كلها موافقة لأهوائه وما تشتهيه نفسه ، ولعل ما يظهره من توبة إنما هو للتخلص من سلبيات نبذ الناس له ، وحرمانه مما كان يطمح للحصول عليه ، والوصول إليه في الظروف العادية ..
فإن قلت : لعل مراده أن الأمر قد جاء باعتزال امرأته هو وصاحباه ، فألحقها بأهلها ، ثم إن امرأة هلال بن أمية استأذنت رسول الله «صلىاللهعليهوآله» في البقاء لخدمته فأذن لها.
فقال لكعب بعض أهله : استأذن رسول الله في امرأتك. أي أن ترجع إليك لتكون عندك للخدمة كامرأة هلال بن أمية.
فقال : لا أستأذن فيها ، ولا أدري إن كان رسول الله «صلىاللهعليهوآله» يجيبني على ما أطلب أم لا؟! وكيف يجيبني إلى استخدام امرأتي وأنا رجل شاب أقدر على خدمة نفسي ، بينما هلال بن أمية شيخ ضعيف البصر؟!
قلنا : إن هذا الوجه وإن كان محتملا ، فإنه لا يمنع من احتمال الوجه الذي ذكرناه آنفا .. وذلك يمنع من الوثوق بنزاهة الرجل كما هو ظاهر ..