المدينة عند نأيه عنها ، وحصوله ببلاد الروم ، فمتى لم يكن فيها من يقوم مقامه لم يؤمن من معرّتهم ، وإيقاع الفساد في دار هجرته ، والتخطي إلى ما يشين أهله ، ومخلفيه ..
وعلم أنه لا يقوم مقامه في إرهاب العدو ، وحراسة دار الهجرة ، وحياطة من فيها إلا أمير المؤمنين «عليهالسلام» ، فاستخلفه استخلافا ظاهرا ، ونص عليه بالإمامة من بعده نصا جليا ، وذلك فيما تظاهرت به الرواية أن أهل النفاق لما علموا باستخلاف رسول الله «صلىاللهعليهوآله» على المدينة حسدوه لذلك ، وعظم عليهم مقامه فيها بعد خروجه ، وعلموا أنها تتحرس به ، ولا يكون فيها للعدو مطمع ، فساءهم ذلك ..
وكانوا يؤثرون خروجه معه ، لما يرجونه من وقوع الفساد والإختلاط عند نأي رسول الله «صلىاللهعليهوآله» عن المدينة ، وخلوها من مرهوب مخوف يحرسها ..
وغبطوه «عليهالسلام» على الرفاهية والدعة بمقامه في أهله ، وتكلف من خرج منهم المشاق بالسفر والخطر ، فأرجفوا وقالوا : لم يستخلفه رسول الله «صلىاللهعليهوآله» إكراما له ، وإجلالا ومودة ، وإنما خلفه استثقالا له».
إلى أن قال : فلما بلغ أمير المؤمنين «عليهالسلام» إرجاف المنافقين به أراد تكذيبهم ، وإظهار فضيحتهم ، فلحق بالنبي «صلىاللهعليهوآله» فقال : يا رسول الله ، إن المنافقين يزعمون : أنك خلفتني استثقالا ومقتا؟!.
فقال النبي «صلىاللهعليهوآله» : إرجع يا أخي إلى مكانك ، فإن المدينة لا تصلح إلا بي أو بك. فأنت خليفتي في أهل بيتي ، ودار هجرتي وقومي ،