وأن النبي «صلىاللهعليهوآله» قد قال لواحد من هؤلاء فقط ، وهو ذلك المأذون له بالبقاء ، والمنصوب من قبله على المدينة : إنه منه بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعده ..
٥ ـ ويلاحظ أيضا : أن الذي جاء يطلب الماء من رسول الله «صلىاللهعليهوآله» هو نفس ذلك الذي يتزعم المعارضة لأمير المؤمنين «عليهالسلام» ، ويخطط لانتزاع الأمر منه فور وفاة رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ، وهو لّما يدفن .. والناقل لهذا الحديث أيضا هو نصيره ونظيره ، ووزيره ، وخليفته من بعده ..
وهو يطلب ذلك تحت وطأة عطش كان نتيجة لما جرى في الحجر ، حيث أخبر النبي «صلىاللهعليهوآله» عن أمر الإمام والإمامة حسبما أوضحناه ..
٦ ـ لقد كان النبي «صلىاللهعليهوآله» يرى حال أصحابه ، وجهدهم وعطشهم ومعاناتهم ، ولكنه لم يبادر إلى مد يد العون لهم ، ولا اكترث بحالهم ، بل تجاهل هذا الحال ، حتى جاؤوه هم وطلبوا منه ذلك.
ولا شك في أن النبي «صلىاللهعليهوآله» ليس قاسيا عليهم بل كان رحيما بهم عطوفا عليهم كما قال الله تعالى : (عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ) (١) ، فلما ذا غض النظر حتى كانوا هم المطالبين له بالتدخل ، وكان الوسيط خصوص أبي بكر.
فإن ذلك يدلنا على أن ثمة سياسة إلهية حكيمة وفاضحة لنوايا
__________________
(١) الآية ١٢٨ من سورة التوبة.