فحملت مع رسول الله «صلىاللهعليهوآله» إداوة فيها ماء ، وعليه جبة رومية من صوف ، فلما فرغ صببت عليه فغسل وجهه ، ثم أراد أن يغسل ذراعيه فضاق كم الجبة ، فأخرج يديه من تحت الجبة فغسلهما ، فأهويت لأنزع خفيه ، فقال : «دعهما فإنني أدخلتهما طاهرتين» ، فمسح عليهما.
فانتهينا إلى عبد الرحمن بن عوف ، وقد ركع ركعة ، فسبح الناس لعبد الرحمن بن عوف حين رأوا رسول الله «صلىاللهعليهوآله» حتى كادوا يفتنون.
فجعل عبد الرحمن يريد أن ينكص وراءه ، فأشار إليه رسول الله «صلىاللهعليهوآله» أن اثبت.
فصلى رسول الله «صلىاللهعليهوآله» خلف عبد الرحمن بن عوف ركعة ، فلما سلم عبد الرحمن تواثب الناس ، وقام رسول الله «صلىاللهعليهوآله» يقضي الركعة الباقية ، ثم سلم بعد فراغه منها ، ثم قال : «أحسنتم ، أو قد أصبتم ـ فغبطهم أن صلوا الصلاة لوقتها ـ إنه لم يتوف نبي حتى يؤمه رجل صالح من أمته (١).
ونقول :
أولا : إن هذا الخبر وإن كان يراد له أن يسجل فضيلة لعبد الرحمن بن عوف ، من حيث إن من يصلي النبي «صلىاللهعليهوآله» خلفه يكون له
__________________
(١) المغازي للواقدي ج ٣ ص ١٠١٢ وسبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٤٤٩ عن ابن سعد ، وعن مسلم. وسيأتي مصادر ذلك في فصل : «عزل أبي بكر عن الصلاة».