مِنْها وَإِذاً لا يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلَّا قَلِيلاً سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنا وَلا تَجِدُ لِسُنَّتِنا تَحْوِيلاً) (١) رغم أنه في سورة مكية ، لا ينطبق على قصة اليهود المزعومة ، لأن الآية قد صرحت بما يلي :
١ ـ إنهم كادوا أن يستفزوه من أرضه. أي كادوا أن يصلوا إلى هذا الأمر ، ولكنهم لم يصلوا إليه فعلا ، مع أن الرواية المتقدمة تدّعي : أنهم قد استفزوه بالفعل ، ونفر مع جيش قوامه ثلاثون ألفا ، وسار حتى بلغ تبوك.
إلا إن كان المراد بالإستفزاز : الإخراج من الأرض إلى أرض أخرى ، والبقاء فيها ..
٢ ـ إن الآية تقول : إن عقوبة أو عاقبة هذا الإستفزاز هي : أن لا يلبث اليهود خلافك إلا قليلا. مع أن أمر اليهود كان قد حسم قبل ذلك بزمان ، من الناحية العسكرية أو السياسية في المنطقة ، وإن كان المقصود هو هلاكهم واستئصالهم ، فإننا لم نجد أن شيئا من ذلك قد حصل لليهود بعد استفزازهم إياه من الأرض ، رغم أنه قد بلغ تبوك. وهذا يدل على أن الآية لا تعنيهم ، بل تعني مشركي مكة كما سنرى.
إلا إن كان المراد الإستفزاز إلى أرض أخرى والبقاء فيها ، فهذا لم يتحقق ، فلم يصبهم عذاب الإستئصال ، الذي علق على هذا الإستفزاز ..
ثامنا : عن قتادة ، وابن عباس ، وسعيد بن جبير : أن مشركي مكة هم الذين حاولوا أن يستفزوا النبي «صلىاللهعليهوآله» ليلتحق بالشام (٢) ، ربما
__________________
(١) الآيتان ٧٦ و ٧٧ من سورة الإسراء.
(٢) الدر المنثور ج ٤ ص ١٩٥ عن عبد الرزاق ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي