هكذا قال بعضهم ، وفيه بحث (١). نعم منع الكوفيّون التقديم في مثل : «زيد قائم ، وزيد قام أبوه ، وزيد أبوه منطلق» ، والحق الجواز ، إذ لا مانع من ذلك ، وإليه أشار بقوله : «وجوّزوا التقديم إذ لا ضرر» ، فتقول : «قائم زيد» (٢) ، ومنه قولهم : «مشنوء من يشنؤك» (٣) ، ف «من» : مبتدأ ، و «مشنوء» : خبر مقدم. و «قام أبوه زيد» ، ومنه قولهم :
__________________
(١) في عبارة الشارح التواء وغموض ويمكن أن يبسط الموضوع على الشكل التالي :
(أ) أجاز البصريون تقديم الخبر في مثل الأمثلة المذكورة ، وذكر بعضهم أن الكوفيين يمنعون منعا مطلقا هذا التقديم الجائز. وهذا النقل عن إطلاق الكوفيين المنع هو المقصود بقوله : وفيه نظر للسبب الذي يلي.
(ب) نقل بعضهم عن البصريين والكوفيين الإجماع على جواز التقديم في مثل قوله (في داره زيد) ، وتجويز الكوفيين ذلك دليل على خطأ الذين نقلوا عنهم المنع ، غير أن نقل الإجماع عنهم في جواز اعتبار المتأخر في قولنا : (في داره زيد) مبتدأ هو الذي أشار إليه بقوله (وفيه بحث) لأن بعضهم يمنع ويعرب (زيد) فاعلا بالجار والمجرور ، وبعضهم يجيز التقديم إن كان الخبر ظرفا أو جارا ومجرورا ، لاتساعهم فيهما ما لا يتّسع في غيرهما ، فاعتراضه إذن على نقل الإجماع عن الكوفيين في ذلك.
(ج) قوله : «نعم» استدراك على ما يوهمه تجويز بعضهم التقديم للخبر وهو ظرف أو جار ومجرور من جواز تقديم غيره كالأمثلة التي ساقها الشارح بعد ذلك والخبر فيها مفرد وجملة.
(٢) قائم : خبر مقدم ، زيد : مبتدأ مؤخر ، والكوفيون يعربون : قائم : مبتدأ ، زيد : فاعل سدّ مسدّ الخبر لأنهم لا يشترطون اعتماد الوصف على النفي أو الاستفهام.
(٣) مشنوء : مبغوض وزنا ومعنى ، و «من» على مذهب الكوفيين : اسم موصول في محل رفع نائب فاعل سدّ مسدّ الخبر.