الشرط السادس : ألا يبدل من خبرها موجب ، فإن أبدل بطل عملها (١) نحو : «ما زيد بشيء إلا شيء لا يعبأ به» ف «بشيء» في موضع رفع خبر عن المبتدأ الذي هو «زيد» (٢). ولا يجوز أن يكون في موضع نصب خبرا عن «ما» ، وأجازه قوم (٣). وكلام سيبويه ـ رحمهالله ـ في هذه المسألة محتمل للقولين المذكورين ـ أعني القول باشتراط ألا يبدل من خبرها موجب ، والقول بعدم اشتراط ذلك ـ فإنه قال بعد ذكر المثال المذكور وهو «ما زيد بشيء .. إلى آخره» : «استوت اللغتان» يعني لغة الحجاز ولغة تميم واختلف شرّاح «الكتاب» فيما يرجع إليه قوله «استوت اللغتان» فقال قوم : هو راجع إلى الاسم الواقع بعد «إلا» ، والمراد أنه لا عمل ل «ما» فيه ، فاستوت اللغتان في أنه مرفوع ، وهؤلاء هم الذين شرطوا في إعمال «ما» ألا يبدل من خبرها موجب. وقال قوم : هو راجع إلى الاسم الواقع بعد «إلا» والمراد أن يكون مرفوعا سواء جعلت «ما» حجازية أو تميمية ، وهؤلاء هم الذين لم يشترطوا في إعمال «ما» ألا يبدل من خبرها موجب.
وتوجيه كل من القولين ، وترجيح المختار منهما ـ وهو الثاني ـ لا يليق بهذا المختصر.
__________________
(١) لأن إيجاب البدل إيجاب للمبدل منه ، وهي لا تعمل في الموجب على الأصح.
(٢) بشيء : الباء : زائدة ، شيء : خبر المبتدأ مجرور لفظا مرفوع تقديرا ، وشيء الثانية بدل من الخبر على إعرابه التقديري.
(٣) بشيء : الباء زائدة ، شيء : خبر ما مجرور لفظا منصوب محلا ، وشيء الثاني بدل من محل الأول قبل دخول الناسخ عليه ، والذين يتمسكون بالشرط السادس فلا يعربونه بدلا وإنما هو خبر لمبتدأ محذوف تقديره : إلا هو شيء ، و «إلا» حرف استدراك بمعنى لكن.