الإيمان وزيادته مصداقا لقوله تعالى (وَإِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إِيماناً وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ). (الأنفال / ٢).
ولم نذهب بعيدا ، فهؤلاء الجنّ أنفسهم لم يتأتّ لهم الإيمان إلا بعد سماع القرآن الكريم وفهم معانيه مما أدّى بهم إلى الإيمان وذلك في قوله تعالى في سورة (الجن / ١) (فَقالُوا إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً* يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ). فكيف أدركوا هدايته إلى الرشد لو لم يفهموا معانيه ..
فمن لا يتعلم العربية ويوغل في هذا التعلم مخلصا لا يحظى ببغيته من فهم كتاب الله على الوجه الأمثل ، يؤيد ذلك قوله تعالى في سورة (فصلت / ٣) (كِتابٌ فُصِّلَتْ آياتُهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) فالعلم بالعربية يسبق قراءة القرآن وتدبّره وفهم ما انطوت عليه آياته من الإحكام والتفصيل.
ولعل من حكمة الله تعالى أنه سهّل لطالب العربية طريقه بأكثر مما يتوقع الطالب نفسه ، بدليل أنّ من أتقن العربية من غير أهلها يفوقون أبناءها في العدد والمستوى بما لا يقاس ، في القديم والحديث ، حتى إنّ معظم أئمة العربية وأئمة علوم الشريعة هم من غير العرب. وتكفي عودة سريعة إلى أمهات مصادر اللغة والنحو والتفسير والفقه والحديث وأشباهها لتدلّنا بوضوح على صحة ما نقول .. يصدّق ذلك ويؤيده قوله تعالى في أربعة مواضع في القرآن الكريم (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) (القمر / ١٧).
وكلمة (الذكر) هنا واسعة في مدلولها ، فهي تعني الحفظ والتذكّر ، كما تعني سهولة الفهم وانسياب القرآن الكريم وجاذبيته .. كلّ هذا يؤكده تعالى بمؤكدات لغوية عدة ، ابتداء باللام التي هي جواب قسم مقدّر ، وبعدها (قد) وتعني التحقيق المؤكّد ، وبعدها الفعل بصيغة الماضي لتدلّ على