ومن الضمير المنفصل الواقع موقع المبتدإ أقوله : (فيها أنتم) ؛ لأن (فيها) خبر مقدم ، و (أنتم) مبتدأ ، وتقديره : (أنتم فيها) ، ومثله (فيها هم قياما) ، وقوله : (أما الخبيث فأنت) ، و (أما العاقل فهو) ، أنت وهو مبتدآن ، وخبرهما ما قبلهما ، أو خبران لما قبلهما ، وقوله : (أهو هو؟) مبتدأ أو خبر ، وهما منفصلان ، وكأنه هو وأوتينا هو خبر كأن ، وقول لبيد : (كأنها هي) ؛ هي خبر كأنها ، وإنما يصف ناقة أنها بعد كلالها وتعبها كأنها نفسها قبل الكلال في النشاط والقوة ، أو كأنها أسفع الخدين شاة إران ، يعني ثورا وحشيّا ، ويسمّى الثور الوحشي : شاة ، والبقرة الوحشية : شاة ونعجة ، وإران : نشاط ، ويقال : عدو ، أرن يأرن أرنا ، والاسم الإران ، ويقال : الإران كناس الوحشية ، وكناسها مثل البيت تأويه ، والإران : سرير الميت ، ومنه قول الشاعر وهو طرفة :
أمون كألواح الإران نسأتها (١)
والتفسير الذي ذكرته أنّ (هي) ترجع إلى الناقة على معنى : كأنها نفسها ، شيء رأيت أصحابنا يفسرونه به ، والذي رأيت عليه مفسّري شعر لبيد يذكرونه : أنّ (هي) كناية عن سفينة ذكرت قبل هذا البيت في القصيدة،شبّه الناقة بها في السرعة ، وذلك قوله :
فصددت عن أطلالهن بجسرة |
|
عيرانة كالعقر ذي البنيان |
كسفينة الهنديّ طابق درءها |
|
بسقائف مشبوحة ودهان |
فكأنها هي بعد غبّ كلالها |
|
أو أسفع الخدين شاة إران (٢) |
أراد فكأنها السفينة المذكورة.
وقوله : (ما قطّر الفارس إلا أنا) وقعت الكناية بعد حرف الاستثناء فكانت منفصلة.
وأما قوله : (ها أنا ذا) ، و (ها نحن أولاء) ، و (ها هو ذاك) و (ها أنت ذا) ، و (ها أنتم أولاء) ، و (ها أنتن أولاء) ف (ها) للتنبيه ، والأسماء بعدها مبتدآت ، والخبر أسماء الإشارة : (ذا ، وأولاء ، وذاك) ، وإن شئت جعلت الضمير المقدم هو الخبر ، والإشارة هي الاسم ، وأما : (ها) فيجوز أن تكون مع (ذا) وفصل بينهما بأنت ، والمراد بها أن تكون مع (ذا) ، والتقدير : أنا هذا ، ويجوز أن يكون التنبيه للمضمر ؛ لأنهما يشتركان في الإبهام.
فأما من قدر (ها) مع (ذا) وإن فصل بينهما بأنت فيحتج بقول زهير :
__________________
(١) البيت في ديوانه ٢٢.
(٢) الأبيات منسوبة للبيد بن ربيعة في ديوانه ١٤٢ ، ١٤٣.