ولا تقول : عليك إياي ؛ لأنك قد تقدر على (ني).
وحدثنا يونس أنه سمع من يقول : عليكني ، من غير تلقين ، ومنهم من لا يستعمل ني ، ولا نا في هذه المواضع استغناء ب عليك بي ، وعليك بنا عن ني ، ونا ، وإيانا.
ولو قلت : عليك إياه كان هاهنا جائزا ؛ لأنه ليس بفعل وإن شبّه به. ولم تقو العلامات هاهنا كما قويت في الفعل ، فهي مضارعة في ذلك الأسماء.
واعلم أنه قبيح أن تقول : رأيت فيها إياك ، ورأيت اليوم إيّاه ؛ من قبل أنك قد تجد الإضمار الذي سوى إيا ، وهو الكاف الذي في : رأيتك فيها ، والهاء التي في : رأيته اليوم ، فلما قدروا على هذا الإضمار بعد الفعل ولم ينقض معنى ما أرادوا ، لم يتكلموا ب (إياك) ، واستغنوا بهذا عن إياك ، وإياه.
وفي نسخة أبي بكر مبرمان : لم ينقض معنى ما أرادوا لو تكلموا ب (إياك) ، واستغنوا بهذا عن إياك ، وإياه. ولو جاز هذا لجاز : ضرب زيد إياك ، وإنّ فيها إياك ، ولكنهم لمّا وجدوا : إنك فيها ، وضربك زيد ، ولم ينقض ما أرادوا لو قالوا : إنّ فيها إيّاك ، وضرب زيد إياك ، استغنوا به عن إيّا.
وأما : ما أتاني إلا أنت ، وما رأيت إلا إيّاك ، فلا يدخل على هذا ؛ من قبل أنه لو أخّر إلّا كان الكلام محالا. ولو أسقط إلّا كان الكلام منقلب المعنى ، وصار على معنى آخر".
قال أبو سعيد : ما في هذا الباب على ثلاثة أضرب في الاتصال والانفصال : فأقوى الثلاثة في الاتصال إنّ وأخواتها ؛ وذلك أنهن أجرين مجرى الفعل الماضي في فتح أواخرها ، وفي لزومها الاسم المنصوب المشبّه بالمفعول ، والخبر المرفوع المشبّه بالفاعل ، ومنصوبها يليها ، ولا يدخل عليها حرف يمنع من التصاق المنصوب بها. فوجب فيها ما وجب في المفعولات بالأفعال من الضّمير المتّصل.
وبعدها رويد تقول : رويد زيدا ، ورويدك زيدا ، وإذا كنّيته قلت : رويده ، ورويدكه ، ولم يذكر سيبويه : رويد إيّاه ، وذلك أنّ رويد وضع لترود ، ولم يؤت بمصدره المحض كما قالوا : تراكها ، ومناعها ؛ لأنهما وضعا موضع اتركها وامنعها ، وهما أقوى من تركا ومنعا ، وكذلك رويد في قيامه مقام الفعل أقوى من إرواد ، ورأيت في تفاسير جواز الضمير المنفصل في رويد ، وما ذكره سيبويه.
وبعدهما عليك ، وهي أقوى في الفصل ، يجوز : عليكه ، وعليكني وعليك به ، وعليك