خبره ، ولا يكون الفصل بما تعني به غير الأول. ألا ترى أنك لو أخرجت أنت لاستحال الكلام وتغيّر المعنى ، ولو أخرجت هو من قولك : كان زيد هو خيرا منك لم يفسد المعنى.
وأما هذا عبد الله هو خير منك ، وما شأن عبد الله هو خير منك. فلا يكون هو وأخواته فصلا فيهما ؛ لأن ما بعد الاسم هاهنا ليس بمنزلة ما يبنى على المبتدإ ، وإنما ينصب على أنه حال كما انتصب قائم في قولك : انظر إليه قائما. ألا ترى أنك لا تقول هذا زيد القائم ، وما شأنك الظريف. أفلا ترى أن هذا بمنزلة راكب في قولك : مرّ راكبا.
فليس هذا بالموضع الذي يحسن فيه أن يكون هو وأخواتها فصلا ؛ لأن ما بعد الأسماء هنا لا يفسد تركه الكلام ، فيكون دليلا على أنه فيما تكلّمه به ، وإنما يكون فصلا في هذه الحال".
قال أبو سعيد : أصل دخول الفصل إيذان للمخاطب المحدّث بأنّ الاسم قديم ولم يبق منه نعت ولا بدل ولا شيء من تمامه ، وأن الذي بقي من الكلام هو ما يلزم المتكلم أن يأتي به وهو الخير ، وهو الذي نحاه سيبويه ، ومما زاد فيه بعض أصحابه أنّ الفصل إنّما أتي به ليؤذن أنّ الخبر معرفة أو ما يقوم مقامها ، وأجمع من هذين في التعليل أن يقال : أتي بالفصل ليتبيّن أنّ ما بعده ليس بنعت للاسم ، فجميع هذا سبب المجيء بالفصل ، وأن الذي بعده كان مما يصحّ أن ينعت به الأوّل ، وإذا كان الأول معرفة فلا يصحّ أن ينعت إلا بمعرفة ، فلزم التعريف فيما بعد الفصل ، وأجروا مجرى المعرفة مما بعد الفصل باب أفعل منك كله ، وذلك أن أفضل منك وخيرا منك لمّا لم تكن فيه إضافة ، ومع عدم الإضافة فيه لا تدخل عليه الألف واللام ، أشبه زيدا وعمرا وسائر الأسماء الأعلام التي ليست فيها إضافة ، ولا تدخل عليه ألف ولام.
وأهل الكوفة يسمّون الفصل : العماد. والفصل حكمه أن يفارق حكم ما كان صفة للأول أو بدلا منه ، ويفارق أيضا حكم ما كان مبتدأ وخبرا في موضع خبر الأول.
فأمّا مفارقة الصفة : فإنّ الصفة إذا كانت ضميرا لم يجز أن يوصف به غير الضمير ؛ تقول : قمت أنت ، ورأيتك أنت ، ومررت بك أنت ، ولا تكون صفة للظّاهر ، لا تقول : قام زيد هو ، ولا قام الزيدان هما ، وليس الفصل كذلك لأنه يدخل بعد الظاهر.
ومفارقة البدل له : إذا أردت البدل قلت ظننتك إيّاك خيرا من زيد ، وظننته إيّاه