الصّلة وتضاف وتثنّى وتنوّن ، ومن لا تثنّى ولا تجمع في الاستفهام على هذا الحدّ كما تثنّى أيّ وتجمع في الاستفهام ، وأيّ منوّن على كل حال في الاستفهام وغيره ، فهو أقوى.
وحدثنا يونس : أنّ ناسا يقولون : منا ومني ومنو ، عنيت واحدا أو اثنين أو جماعة ؛ فمن قال هذا قال : أيّا وأيّ وأيّ ، عنى واحدا أو اثنين أو جماعة ، وإنّما فعلوا ذلك ب (من) ؛ لأنّهم يقولون : من قال ذاك؟ فيعنون من شاءوا من العدّة. وكذلك أيّ ؛ قد تقول : أيّ ، عنيت واحدا أو اثنين أو جماعة.
وأمّا يونس فإنّه يقيس منه على أيّة فيقول : منة ومنة ومنة ، إذا قال : يا فتى. وكذلك ينبغي له أن يقول إذا آثر ألا يغيّرها في الصلة.
وهذا بعيد ؛ فإنّما يجوز هذا على قول شاعر قاله مرّة في شعر ثمّ لم يسمع بعد ، قال :
أتوا ناري فقلت منون أنتم |
|
فقالوا الجنّ قلت عموا ظلاما (١) |
وزعم يونس أنّه سمع عربيا يقول : ضرب من منا.
وهذا بعيد لا تتكلم به العرب ، ولا يستعمله منهم ناس كثير ، وكان يونس إذا ذكرها يقول : ولا يقبل هذا كلّ أحد ، فإنما يجوز منون يا فتى على هذا.
وينبغي لهذا ألا يقول : منو في الوقف ، ولكن يجعله كأيّ. وإذا قال : رأيت امرأة ورجلا ، فبدأ في المسألة بالمؤنث ، قلت : من ومنا ؛ لأنك تقول : من يا فتى في الصّلة في المؤنث ، وإن بدأت بالمذكّر قلت : من ومنه.
وإنما جمعت أيّ في الاستفهام لأنه إنما الأصل فيها الاستفهام ، وهي فيه أكثر في كلامهم وإنّها تشبه الأسماء التامة التي لا تحتاج إلى صلة في الجزاء والاستفهام. وقد شبّه (من) به في هذا الموضع لأنه يجري مجراه في هذا الموضع ، ولم يفرّقوا في أيّ لما ذكرت لك مما يدخله من التنوين والإضافة ؛ نقول : لم يفرّقوا في أيّ إذا عنوا المؤنث والاثنين والجميع في الوقف والوصل كما فرّقوا في من ؛ لتمكّن أيّ).
قال أبو سعيد : كان سبيل من في السّؤال سبيل أيّ ، وكان حقّ السّائل إذا قال
__________________
(١) البيت ورد منسوبا لسمير بن الحارث الضّبّيّ ، في الخزانة ٦ / ١٦٧ ، ١٦٨ ، ١٧٠ ؛ ابن يعيش ٤ / ١٦ الكتاب ٢ / ٤١١ ؛ تاج العروس (منن ، أنس) ؛ المقتضب ٢ / ٣٠٦.