وحروف اللّين في قولك : منا ومني ومنو ، حين قلت : يا فتى ، وجعلت يا فتى بمنزلة ما هو في مسألتك يمنع هذا كلّه ، وهو قولك : من ومنه إذا قال : رأيت رجلا وامرأة. فمنه قد منعت من من حرف اللين ، فكذلك هو هاهنا يمنع كما منع ما كان في كلام المسؤول العلامة في الأوّل ، ولا يدخل يا فتى لأنّه ليس من حديث المسؤول ، فصار هذا هاهنا بمنزلة الطّويل حين منع العلامة زيدا كما منع من ما ذكرت لك ؛ وهو قول العرب.
ومما تتبعه هذه الزيادة من المتحرّكات كما وصفت لك قوله : رأيت عثمان ، فتقول : أعثماناه ، ومررت بعثمان ، فتقول : أعثماناه ، ومررت بحذام ، فتقول أحذاميه ، وهذا عمر فتقول : أعمروه ، فصارت تابعة كما كانت الزيادة في وا غلامهوه تابعة.
واعلم أنّ من العرب من يجعل بين هذه الزيادة وبين الاسم إن فتقول : أعمرو إنيه ، وأزيد إنيه ، فكأنهم أرادوا أن يزيدوا العلم بيانا وإيضاحا ، كما قالوا : ما إن ، فأكّدوا بإن. وكذا أوضحوا بها هاهنا ؛ لأنّ في العلم الهاء ، والهاء خفيّة ، والياء كذلك ، فإذا جاءت الهمزة والنون جاء بعدهما حرفان لو لم يكن بعدهما الهاء وحرف اللين كانوا مستغنين بهما.
وممّا زادوا به الهاء بيانا قولهم : اضربه.
وقالوا في الياء في الوقف : سعدجّ يريدون سعدي.
فإنّما ذكرت لك هذا لتعلم أنهم قد يطلبون إيضاحا بنحو من هذا الذي ذكرت لك.
وإن شئت تركت العلامة في هذا المعنى كما تركت علامة النّدبة.
ويقول الرجل : إنّي قد ذهبت ، فتقول : أذهبتوه؟ ويقول : أنا خارج ، فتقول : أأنا إنيه ، تلحق الزيادة ما لفظ به ، وتحكيه مبادرة له ، وتبينا أنه ينكر عليه ما تكلّم به ، كما فعل ذلك في : من عبد الله؟ وإن شاء لم يتكلّم بما لفظ به ، وألحق العلامة ما يصحّح المعنى ، كما قال حين قلت : أتخرج إلى البادية : أأنا إنيه.
وإن كنت متبيّنا مسترشدا إذا قال : ضربت زيدا ، فإنك لا تلحق الزيادة. وإذا قال : ضربته فقلت : أقلت ضربته؟ لم تلحق الزيادة أيضا ؛ لأنّك إنّما أوقعت حرف الاستفهام على قلت ، ولم يكن من كلام المسؤول ، وإنّما جاء على الاسترشاد لا على الإنكار ، فإن قال : ضربته فقلت : على وجه الإنكار قلت : أضربتهوه ، وإن شئت قلت :