اسم ولا فعل ، فكأنّك قلت : يقول زيد ذاك ، إلا أنّ من الحروف ما لا يدخل إلا على الأفعال التي في مواضع الأسماء المبتدأة ، ويكون الحرف أولا قبل الأفعال ، وسنبيّن ذلك إن شاء الله تعالى وقد بيّن فيما مضى.
ومن ذلك أيضا قولهم : ائتني بعد ما يفرغ زيد ، وما ويفرغ بمنزلة الفراغ ، ويفرغ صلة وهي مبتدإة ، وهي بمنزلتها في الذي إذا قلت بعد الذي يفرغ ، فيفرغ في موضع مبتدإ ؛ لأنّ الذي لا يعمل في شيء ، والأسماء بعده مبتدأة.
ومن زعم أنّ الأفعال ترتفع بالابتداء فإنه ينبغي له أن ينصبها إذا كانت في موضع ينتصب فيه الاسم ، ويجرّها إذا كانت في موضع ينجرّ الاسم فيه ، ولكنّها ترتفع بكينونتها في موضع الاسم.
ومن ذلك أيضا قولك : كدت أفعل ذاك ، وكدت تفرغ ، وكدت : فعلت ، وفعلت لا ينصب الأفعال ولا يجزمها ، وأفعل هاهنا بمنزلتها في كنت ، إلا أنّ الأسماء لا تستعمل في كدت وما أشبهها.
ومثل ذلك : عيسى يفعل ذلك ، فصارت كدت ونحوها بمنزلة كنت عندهم ، كأنّك قلت : كدت فاعلا ، ثم وضعت أفعل في موضع فاعل. ونظير هذا في العربية كثير ، وسترى ذلك. إن شاء الله. ألا ترى أنك تقول : بلغني أنّ زيدا جاء ، ف (أنّ) زيدا جاء كلّه اسم. ويقولون : لو أنّ زيدا جاء لكان كذا ، فمعناه : لو مجيء زيد ، ولا يقال : لو مجيء زيد.
وتقول في التعجّب : ما أحسن زيدا ، ولا يكون الاسم في موضع ذا ، فتقول : ما محسن زيدا ، ومنه : قد جعل يقول ذاك ، كأنك قلت : صار يقول ذاك ، فهذا وجه دخول الرفع في الأفعال المضارعة للأسماء. وكأنّهم إنّما منعهم أن يستعملوا في كدت وعسيت الأسماء أنّ معناها ومعنى نحوها تدخله أن ، نحو قولهم : خليق أن يقول ، وقارب أن يفعل. ويضطرّ الشاعر فيقول : كدت أن أفعل ، فلمّا كان المعني فيهنّ ذلك تركوا الأسماء ؛ لئلا يكون ما هذا معناه كغيره ، وأجروا اللفظ كما أجروه في كنت ؛ لأنه فعل مثله.
وكدت أن أفعل لا يجوز إلا في شعر ؛ لأنه مثل كان في قولك : كان فاعلا ويكون فاعلا.
وكأن معنى جعل يقول ، وأخذ يقول ، قد آثر أن يقول ونحوه ، فمن ثمّ منع