لك. كأنك قلت : لا غلامين ولا جاريتين في مكان كذا وكذا لك ، فجاء ب" لك" بعد ما بني على الكلام الأول في مكان كذا وكذا ، كما قال : لا يدين بها لك ، حين صيره كأنه جاء ب" لك" فيه بعد ما قال : " لا يدين بها في الدنيا".
واعلم أن المنفي الواحد إذا لم يل" لك" فإنما يذهب منه التنوين كما أذهب من آخر" خمسة عشر" لا كما أذهب من المضاف.
والدليل على ذلك أن العرب تقول : لا غلامين عندك ولا غلامين فيها. ولا أب فيها ، وأثبتوا النون فيها ؛ لأن النون لا تحذف من الاسم الذي يجعل وما قبله أو وما بعد بمنزلة اسم في واحد. ألا تراهم قالوا : الذين في الدار. فجعلوا" الذين" وما بعده من الكلام بمنزلة اسمين جعلا اسما واحدا ، ولم يحذفوا النون ؛ لأنها لا تجيء على حد التنوين. ألا تراها تدخل في الألف واللام وفيما لا ينصرف ، وإنما صارت الأسماء حين وليت" لك" بمنزلة مضاف لأنهم كأنّهم ألحقوا اللام بعد اسم كان مضافا ، كما أنك إذا قلت : يا تيم تيم عدي فإنما ألحقت الاسم اسما كان مضافا ، ولم يغير الثاني المعنى ، كما أن اللام لا تغير معنى : لا أباك.
وإذا قلت : " لا أب فيها" فليست (في) من الحروف التي إذا لحقت بعد مضاف لم تغير المعنى الذي كان قبل أن تلحق.
ألا ترى أن" اللام" لا تغير معنى المضاف إلى الاسم إذا صارت بينهما ، كما أن الاسم الذي يثنى به لا يغير المعنى إذا صار بين الأول والمضاف إليه ، فمن ثم صارت اللام بمنزلة الاسم الذي يتثنى به.
وتقول : لا غلام وجارية فيها ؛ لأن" لا" إنما تجعل وما تعمل فيه اسما واحدا ، إذا كانت إلى جنب الاسم ، فكما لا يجوز أن تفصل خمسة من عشرة كذلك لم يستقم هذا لأنه أي (لا) مشبه به ، فإذا فارقه جرى على الأصل ، قال الشاعر :
لا أب وابنا مثل مروان وابنه |
|
إذا هو بالمجد ارتدى وتأزرا (١) |
وتقول : " لا رجل ولا امرأة يا فتى" إذا كانت" لا" بمنزلتها في" ليس" حين تقول : ليس لك رجل ولا امرأة فيها.
قال رجل من بني سليم وهو أنس بن العباس :
__________________
(١) البيت لرجل من بني عبد مناة من بني كنانة ، انظر : الخزانة ٢ / ١٠٢ ، والعيني ٢ / ٣٥٥.