فإن جعلت الدخول في كل ذي غاية نصبت.
وتقول : رأيت عبد الله سار حتى يدخلها ، وأرى زيدا سار حتى يدخلها ؛ ومن زعم أن النصب يكون في ذا لأن المتكلم ليس بمتيقن ، فإنه يدخل عليه : سار زيد حتى يدخلها فيما بلغني ولا أدري ، ويدخل عليه : عبد الله سار حتى يدخلها أرى.
فإن قال : لأني لم أعمل (أرى) ، فهو يزعم أنه ينصب الفعل ب (أرى) وإن جعلت الدخول غاية ، نصبت في ذا كله.
وتقول : كنت سرت حتى أدخلها ، إذا لم تجعل الدخول غاية. وليس بين (كنت وسرت) وبين (سرت مرة في الزمان الأول) حتى أدخلها شيء ؛ وإنما ذا قول كان النحويون يقولونه ويأخذونه بوجه ضعيف ، يقولون : إذا لم يجز القلب فيه ، فيدخل عليهم (قد سرت حتى أدخلها) أن ينصبوا ، وليس في الدنيا عربي يرفع (سرت حتى أدخلها) إلا وهو يرفع إذا قال : قد سرت.
وتقول : سرت حتى أدخلها ، وحتى أدخلها ، إن جعلت الدخول غاية ؛ وكذلك ما سرت إلا قليلا حتى أدخلها ، إن شئت رفعت ، وإن شئت نصبت ، لأن معنى هذا معنى سرت قليلا حتى أدخلها ، فإن جعلت الدخول غاية نصبت.
ومما يكون فيه الرفع شيء ينصبه بعض الناس لقبح القلب ، وذلك : ربما سرت حتى أدخلها ، ونحو هذا ؛ فإن احتجوا بأنه غير سير واحد فكيف يقولون إذا قلت : سرت غير مرة حتى أدخلها.
وسألنا من يرفع في قوله : سرت حتى أدخلها ، فرفع في (ربما) ، ولكنهم اعتزموا على النصب في ذا كما اعتزموا عليه في (قد).
ويقولون : ما أحسن ما سرت حتى أدخلها ، وقلما سرت حتى أدخلها ، إذا أردت أن تخبر أنك سرت قليلا وعنيت سيرا واحدا ، وإن شئت نصبت على الغاية.
وتقول : قلما سرت حتى أدخلها ، إذا عنيت سيرا واحدا ، أو عنيت غير سير ، لأنك قد تنفي الكثير من السير الواحد ، كما تنفيه من غير سير.
وتقول : قلما سرت حتى أدخلها ، إذا عنيت غير سير ، وكذلك أقلّ ما سرت حتى أدخلها ، من قبل أنّ (أقل ما) نفي لقوله (كثر ما) كما أن (ما سرت) نفي لقوله (سرت) ؛ إلا أنه قبيح أن تقول : قلّ ما سرت فأدخلها ، كما يقبح في (ما سرت) إذا أردت معنى : فإذا أنا أدخل.