كلا مركبيها تحت رجلك شاجر (١)
يعني : مركبها من قدام ومن خلف ، وشاجر : داخل تحت الرجل وتحت الرحل ، وإذا دخل الشيء تحت شيئين ففرجهما فقد شجرهما ، ومركبيها : يعني مركبي المعضلة ، وقد بين أن مركبيها من قدام وخلف في البيت الذي بعده.
فإن تتقدم تلن منها مقدما |
|
غليظا وإن أخّرت فالكفل فاجر |
والكفل : كساء يضعه الرجل على ظهر البعير ثم يركبه يتوقى العرق ، وفاجر : مائل.
وقد عاب قوم سيبويه على النحويين حين حكى عنهم أنهم قالوا : يجازى بكل شيء يستفهم به ، فقال سيبويه : لا يستقيم هذا ، من قبل أنك تجازى بأن وبحيثما وإذ ما ، فقال العائب ، وهو أبو عمر الجرمي ومن وافقه : لا يكون ما قال سيبويه ردا عليهم لأنهم لم يقولوا :
لا تكون المجازاة إلا بما يستفهم به فيلزمهم هذا ، وإنما قالوا : تطلب المجازاة بما يستفهم به ، ولا يمنع هذا المجازاة بغيره ، كما لو قال قائل : يكون الرفع بأنه الفاعل والنصب بأنه مفعول به ، لم يمنع الرفع والنصب بغيرهما.
وعابوا أيضا ما حكى عنهم : يجازى بكل شيء يستفهم به ، وليس بينهم خلاف أنه لا يجازى بألف الاستفهام ، وبهل.
قال أبو سعيد : أما الأول : فإن الذي حكي عنهم أنهم قالوه هو أن أصل الجزاء الاستفهام ، فكل شيء جوزي به إنما هو منقول من الاستفهام فأراهم أنهم يجازون بحيثما وأن ، وهما لا يكونان استفهاما ، فهذا مخرج هذا.
وأما الثاني : فقد فهم عن سيبويه أنه أراد الأسماء التي يستفهم بها ، لأنهم لا يختلفون في الحروف أنها لا يجازى بها ، فكان فسر قولهم على ظاهر ما حكي عنهم أن يقال : أنتم تستفهمون ب (كم) ولا يجازى بها ، وكذلك (كيف) يستفهم بها ولا يجازى بها.
وأما (مهما تفعل) ففيها وجهان :
أحدهما : ما قاله الخليل ، وهو أن أصله (ما) زيدت عليها (ما) أخرى كما تزاد (ما) على (متى) في قولك : متى ما تفعل أفعل ؛ ف (ما) الأولى في هذا القول للمجازاة ، والثانية زائدة.
والآخر : ما قاله أبو إسحاق الزجاج ، أن أصله (مه) في معنى (اسكت) لكلام
__________________
(١) عجز بيت سبق تخريجه.