متكلم به ، و (ما) بعدها للمجازاة.
والدليل على (مهما) قد تضمنت معنى (ما) أنه قد يعود إليها الضمير مما بعدها كما يعود إلى (ما) ، قال المتنخل الهذلي :
إذا سدته سدت مطواعة |
|
ومهما وكلت إليه كفّاة (١) |
ف (الهاء) في كفاه عائد إلى (مهما) ، كما تعود إلى (ما) ، ولا يكون مثل هذا العائد في أين ومتى ، لا تقل : أين تكن أكن فيه ، ولا متى تأتني آتك فيه وأما كيف ، فإن الخليل قال في المجازاة بها : هي مستكرهة ، ولم يحتج لذلك ، بل قوّى المجازاة بها حين قال : معناها : على أي حال تكن أكن.
قال أبو سعيد : أحتاج أن أبين أن (كيف) حقيقتها وموضوعها ، إنه اسم غير ظرف وإن كان قد يؤدي معناها قولهم (على أي حال) ، والدليل على ذلك إذا قلت : كيف هذا الثوب؟ فالجواب أن يقال : خشن أو لين أو طويل أو قصير ونحو ذلك.
وكذلك إذا قال : كيف زيد؟ فالجواب : سمح ، أو صعب ، أو شجاع أو جبان أو ما أشبه ذلك.
ولو قال : على أي حال زيد؟ لقلت : على حال شدة أو على حال رخاء وهذا ما يقتضيه لفظ السؤال.
ولو كان (كيف) ظرفا ، لم يمتنع دخول حروف الجر عليه كدخولها على متى وأين في قولك : إلى متى يكون هذا ؛ ومن أين أقبلت؟
فلو قال قائل : كيف زيد؟ فقيل في جوابه : على حال سيئة ، أو على حال صفة لجاز ، وليس بجوابه على الحقيقة والموضوع ، ولكن يجوز ذلك لأن معناها معنى سيئ الحال أو حسن الحال الذي هو الجواب المطابق للسؤال ب (كيف).
وقد اختصت (كيف) بأشياء ليست في نظائرها.
منها أنها اسم ليس بظرف ، لا يكون لها عائد ، ولا يخبر عنها كمن ، وما ، وأي ، تقول : من ضربته؟ وما أكلته؟ وأيّ أثبته؟ وتقول : من في الدار؟ وما عندك؟ وأيّ خلفك؟ ولا تقل : كيف ضربته؟ و (الهاء) عائدة إلى (كيف) ، ولا كيف في الدار؟ كما قلت : من في الدار ، على الابتداء أو الخبر.
ومنها أنه لا يكون جوابها إلا نكرة ، وجواب أخواتها يكون معارف ونكرات يقول
__________________
(١) البيت في ديوانه ٢ / ٣٠ ، الخزانة ٩ / ٢٦ ؛ ابن يعيش ٧ / ٤٣.