القائل : كيف زيد؟ فيقال له : سخي أو بخيل أو شجاع أو جبان ، ولا يجوز أن يقال : السخي ، ولا البخيل ولا الشجاع ولا الجبان.
وقد يقال في جواب (من زيد؟) : أخوك ، وزيد أخوك.
ويقال في جواب (ما طعامك؟) : اللحم والخبز ، ويقال : لحم وخبز ، وقد يقال في جواب (أي الناس زيد؟) : أخوك ، أو هذا ، أو نحوهما من المعارف.
ويقال : رجل بجنبك. ورجل في دارك ، أو نحو ذلك من النكرات.
فأما مع المجازاة بها ، ففيه قولان : أحدهما : أنه لما كان أخواتها معارف ونكرات ، وقصرت هي على أحد الأمرين ، ضعفت عن التصريف بها في المجازاة ، فالقول الآخر أنها لما لم يخبر عنها ، ولا يعود إليها ، كما يكون ذلك في : من ، وما ، وأي ، ضعفت عن تصريفها في مواضع نظائرها من المجازاة ، ولم تكن ضرورة مضطر إليها في المجازاة إذ كانت (على أي حال) تغني عنها كما قد ذكرناه.
وتركوا المجازاة ب (كم) لأن (ما) و (من) تغنيان عنها ، لأنهما في المجازاة لقليل ما يقعان عليه وكثيرة ، ألا ترى أنك إذا قلت : كما تسر أسر ، فمعناه : إن يسر قليلا أسر مثله ، وإن يسر كثيرا أسر مثله ، وليس المتكلم بعالم كمن يسير ، ولا هو مستدع من المخاطب تعريفه مقدار سيره ، وإنما وضعت (كم) ليتعرف بها المتكلم مقدار ما يسأل عنه ليقف عليه.
وأما المجازاة ب (إذا) فإن ما منع من المجازاة بها إلا في الشعر ، أن الذاكر لها في الكلام كالمعترف بأنها كائنة ، كقولك : إذا طلعت الشمس فأتني ؛ فالمتكلم معترف بطلوع الشمس ، وحق ما يجازى به ألا يدرى أيكون أم لا يكون ، كقولك : إن قدم زيد زرته ، وإن تمطر اليوم نجلس للحديث ، ولا يدري أتمطر اليوم أم لا ؛ ولذلك حسن : إذا احمر البسر فأتني ، وقبح : إن احمر البسر فائتني ، لإحاطة العلم أن احمر البسر كائن.
وإنما جاز المجازاة بها في الشعر لأنها قد شاركت (إن) في الاستقبال ، ولأن وقتها غير معلوم ، فأشبهت ـ لجهالة وقتها ـ ما لا يدري أيكون أم لا. وقد نستعمل (إذا) في الموضع الذي يحسن فيه (إن) ، ولا يتبين بينهما فرق للمشابهة التي بينها ، وكذلك تستعمل (إن) في موضع (إذا) ؛ قد يقول القائل : إن متّ فأخرجوا ثلث مالي للفقراء والمساكين ، وقال الله ـ تبارك وتعالى ـ : (أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ)(١) والموت كائن لا محالة ،
__________________
(١) سورة آل عمران ، الآية : ١٤٤.